كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

السلطوية ومخاطرها

مروان حبش- فينكس:

السلطوية هي الخضوع التام للسلطة ومبادئها، أو كما يقال: (هي استعمال القوة لذات القوة)، بدلاً من التركيز على الحرية ومبدأ تكافؤ الفرص وحقوق الإنسان والمواطنة السليمة والمجتمع المتحرر من التسلط.
إن الوعي بالسلطوية خطوة مهمة نحو التخلص منها ونشر الحرية في السياسة وفي المجتمع، وتحريرها من كل أشكال التسلط والتعسف والعنف، ومن القيود التي تكبل المجتمع والفرد، وهذا الوعي ضروري لخلق مجتمع متماسك فاعل قادر على مواجهة التحديات.
تتمثل مظاهر السلطوية في ضعف الحرية السياسية، وشيوع التمييز بين المواطنين، واللفظية، والماضوية، ومن نتائجها إعادة انتاج التسلط، وإضعاف سيادة القانون، وتسهيل التغريب، وتشجيع الهجرة، وإعاقة بناءاالإنسان وإبداعه، وهي ذات انعكاسات خطيرة على الوطن ومستقبله وواقعه ومجتمعه.
تتسم السلطوبة بمركزية القرار وتنكر أو تحدد الحريات السياسية والممارسات الديمقراطية وتزيل المساءلة القانونية، وتخدم بإجراءاتها هذه غرضاً محدداً، ألا وهو الحفاظ على السلطة السلطوية، والإمساك بزمام السلطة السياسية. مع التأكيد بأنها ظاهرة سلبية ديكتاتورية وقهرية في الحكم وقيادة المجتمع، ومع تنامي إدراك خطر السلطوبة على تماسك المجتمع ودور الدولة العادلة والقوية، التي هي نقيض دولة الاستبداد والتسلط وحكم الفرد، وهي نقيض دولة الوضعية الاستثنائية، تحضر باستمرار أمنية بأن لا تستمر طويلاً محاولات تزييف الوعي، والتوقف دون حملها على تجاهل المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان أو الاستخفاف بها، وعدم الإقرار بقسوة "النجاحات المتتالية" لزرع الكراهية وتدمير المواطنة وإنهاء الهوية الجامعة، ولخطاب الخوف والتخوين، بل يجب العمل للتخلص من ملهاة تبرير الظلم، وترويج العقاب الجماعي ضد رافضي السلطوية، ويجب المطالبة العلنية بجبر الظلم عنهم، من دون الخوض في معايير مزدوجة تميز بين الضحايا وفقاً للهوى والهوية. وربما بعض الاهتمام بقضايا الديمقراطية والحريات، ومع استمرار هبوط سقف التوقعات ليستقر بالقرب من بقاء المجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات على قيد الحياة في مواجهة التعقب الممنهج ونجاتها من التداعيات السلبية للتشويه الذي ينتجه ويعممه خدم السلطان، ومكارثيو الرأي الواحد.
إن السلطوبة نقيض رئيس للديمقراطية وعدو لدود للمواطنة، وهي لا تنحصر في السياسة بل تنتقل إلى الاقتصاد والثقافة وبقية مجالات النشاط الإنساني، وتعيق تفجير طاقات المواطن الفرد وتعطل وتقوض طاقات المجتمع.
إن الانتصار للديمقراطية هو الطريق التي تمكن المواطن من المشاركة بحرية ودون خوف في تحديد جوهر الصالح العام وفي صناعة القرار الصائب والبناء السلمي للتوافق المجتمعي، وتمكنه، أيضاً، من مساءلة ومحاسبة السلطويين عبر آليات الانتخابات الحرة والدورية وإجراءات تداول السلطة، وصون سيادة القانون التي تضمن المساواة بين جميع المواطنات والمواطنين، وتحمي الحريات والحقوق وتشجع المبادرات، وتنص على قواعد التقاضي العادل، وعلى مبادئ الشفافية والرقابة.