كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

كاترين الكبرى 1729- 1796 وإعلانها عن الفساد في الامبراطورية

مروان حبش- فينكس:
إمبراطورة روسيا منذ 1762 حتى وفاتها، ألمانية الأصل، ((ذات شعر فاحم، وبشرة بيضاء ناصعة، وفم كأنه خلق للقبلات، رنين صوتها مبهجاً، وضحكتها مرحة كطبعها))، شجاعة وذكية.

خلال الـ 17 عاماً كزوجة لولي عهد روسيا ثم إمبراطور لها، تعلمت الصبر والحكمة وضبط النفس وخداع الحكم.
ولما خلفت زوجها، أحاطت نفسها بالأكفاء من الرجال واكتسبت ولاءهم وألزمتهم بالعمل الشاق، ولكنها أجزلت لهم العطاء، ولعلها غالت في مكافآتهم، حتى أصبح بلاطها وبذخه عبئاً على موارد الدولة.
كانت من الناحية الفكرية شرهة يقظة، وقالت عن كتاب مونتسكيو (روح القوانين) إنه ينبغي أن يكون (كتاب صلوات يومية لكل ملك سليم الإدراك).
-في عام ١٧٦٦ أعلنت عن جائزة تمنح لأفضل مقال عن تحرير الأقنان، وفاز بالجائزة (بيار دي لابييه) الذي رأى أن العالم كله يطالب الملوك بتحرير الفلاحين، وتنبأ بأن الإنتاج الزراعي سيزداد زيادة هائلة، ((إذا ملك الفلاحون الأرض التي يزرعونها)).
أطلق عليها فولتير عام 1767 لقب (سمير أميس الشمال)، وقال ديدرو، لما دعته لزيارتها في سانت بطرسبرغ عام 1773: (يجب أن يرى الإنسان امرأة كهذه ولو مرة واحدة في العمر)، وقال عنها جريم صاحب صحيفة الرسائل الأدبية إنها: (غذاء روحي، وعزاء قلبي، وفخر عقلي، وبهجة روسيا، وأمل أوربا).
كان بلاط كاترين الكبرى مليئاً بالمتناقضات، فهو مؤصلٌ في البربرية ومصقولٌ بالثقافة الفرنسية، ومحكوم من كاترين الألمانية التي تفوق مساعديها تعليماً وذكاءً، وقد أثمرت مكافآتها السخية للخدمات الاستثنائية المنافسة دون أن تكبح جماح الفساد، وكان الكثيرون من بطانتها يأخذون الرشاوى من الحكومات الأجنبية، و اتخذ بعضهم موقف الحياد بأخذ الرشاوى من الطرفين المتعارضين، مما اضطرها 1762 أن تذيع على الأمة اعترافاً غير عادي، فقالت:
((إننا نعده واجباً أساسياً وضرورياً أن نعلن للشعب، بحسرة صادقة، أننا سمعنا منذ زمن مديد، وأننا نرى الآن في أفعالٍ ظاهرة للعيان، إلى أي مدى استشرى الفساد في إمبراطوريتنا، بحيث لا يكاد يوجد منصب في الحكومة لا تعدو فيه على العدالة عدوى هذا الوباء، فإذا طلب إنسان فيه وظيفة كان عليه أن يدفع ثمنها، وإذا شاء إنسان أن يدفع عن نفسه شر الافتراء، فبالمال، وإذا أراد أن يتهم جاره زوراً وبهتاناً ففي استطاعته بالهدايا أن يضمن نجاح خططه الشريرة)).