كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

جفَّ الحبر وانقرض الورق

فينكس- مصطفى برو:

نحن كاعلاميين وصحفيين مطالبين بالكتابة والنشر، وتقديم حجم عمل على الأقل، دون النظر الى قدسية وشرف رسالتنا، لكن عمّاذا نكتب وننشر؟ هل نكتب عن الزراعة ومصاعبها، والارتفاع الجنوني لتكاليفها، إذا كانت غالبية الناس وعامة الشعب لا تجد ما تقتات به ولا تستطيع توفير أبسط متطلبات العيش، واذا كان فلاحنا يقدم أعظم التضحيات و هو بالكاد يحصل على قوت يومه؟ هل نكتب عن عمل شركاتنا العامة الانشائية و أين وصلت في مشاريعها والصعوبات التي تواجهها، و ماهية مشاريعها الجديدة، إذا كانت لا تتوفر لها ربع الاعتمادات المالية لتنفيذ واستكمال هذه المشاريع، أو إذا كانت لا تتوفر لها ربع احتياجاتها من الطاقة لتشغيل آلياتها الهندسية، و اذا كانت هذه الشركات لا تقدم ولا تعمل بربع طاقتها الانتاجية، وننسى أن غالبية الناس وأكثرية الشعب تبحث وتتحايل لتجد ما تسد به رمقها وتُسكت جوعها؟
و إذا كتبنا عن الفساد المالي والاداري والتقصير في تنفيذ المشاريع والأعمال والمهام، و فضحنا المرتكبين والطفيليين والمتسلقين والفاسدين والانتهازيين والمستغِلين، هل نجد آذاناً صاغية؟ عشرات المقالات والتحقيقات الصحفية التي كشفت الفساد وعرّت الفاسدين دون تحريك ساكن من جانب الجهات المختصة ودون متابعة أو محاسبة لأحد!
ماالفائدة من الاشارة الى الغلاء الفاحش لأسعار الأدوية، إذ أن كامل راتب العامل أو الموظف بالكاد يشتري له وصفة دواء واحدة، إذا كان هذا الأمر لا يحرك ساكناً عند المسؤول عن هذا الجانب.
كيف يمكن لي أن أكتب وأشير الى حاجة المنطقة الساحلية الملحة لانشاء معمل كونسروة يستثمر فائض الانتاج الزراعي من الخضار والفاكهة، بينما تبحث غالبية الناس عن كيفية تأمين قوت يومها وحطب يومها؟ هل تستطيع هذه الناس المعدمة أن تستهلك منتجات معمل الكونسروة بحيث يحقق الجدوى الاقتصادية من انشائه طالما أن جيوبها فارغة، أو هل يستطيع هذا المعمل تصدير انتاجه الى الخارج في ظل اغلاق المعابر والمنافذ الحدودية أو في ظل فقدان سورية لأسواقها الخارجية خلال الحرب؟