كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ذاكرة الرؤى

البشير عبيد- فينكس- تونس
قبل هبوب الرياح اللواقح
باغتني الولد الكسيح بالسؤال
الفصيح:
سيبقون يتباكون على ضياع الفريسة
المشتهاة
قد لا تعود و تضيع الخطى هنا
و في الأقاليم البعيدة
كم من العمر مضى و صار بإمكان
الفتى ان ينام وحيدا قرب الرخام
العتيق
هذا هو الطريق الوحيد لإعلان البيان
اليتيم
هي بلادي أم ماذا؟
يسألني الشيخ الضرير
قبل هطول المطر الغزير
أقاليم أثخنتها الجراح
ونام على أعتابها خصوم الكلام
الصريح
ليس لي ما أخفيه عن عيون الشاردين
ها هنا يداي تسأل العالم
عن خطاي
والقرى غارقة في مياه الغياب
قبل مغيب الشمس عن صقيع الشمال
وارتباك الجسد العليل
تاهت أصابع الروح
باحثة عن زوايا الحقيقة
واخضرار العشب الأنيق
لست وحدي في الطريق
كان هنا سرب من حمام الجنوب
يلملم جراح الجسد
واقتراب الغليان من حدود
البلد...
ربما غابت عن الأحفاد حكم الأجداد
ولم تأت القوافل حين باغتنا
خصوم الوردة
وصرنا حفاة عراة بلا نشيد
أو علم يتيم
يكفي ما تعطينا الفصول من ثمرات
والكلام الفصيح
والصبايا الرشيقات
والدعاء الخارج من أفواه الشيوخ
قبل هبوب الرياح اللواقح باغتني الولد
الكسيح بالصراخ
لم يكن عنيدا كعادة الفتيان
بل صار قريباً من بهاء
المكان القصي
والأصابع تكتب الوصايا
لمن أفنوا أعمارهم في الفيافي
والمنافي
ومن ضيّعتهم بوصلة الرجال.....
هنا يداي تسأل عن خطاي
والنساء اللواتي يبحثن عن بقايا
الزغردات
لهن بهاء المكان وانفتاح المرء
على فضاءات الدشهة
وارتماء الجسد في المياه
أيتها السنبلة المشتهاة
كن رفيقتي وبوصلتي في الحصار
الذي أثثه الخصوم
قبل مجيء فتيان الجنوب المتاخم
للهثيان
معذرة دفاتر الرعاة
وصيحات أطفال القرى
لم أخن ما أبقته لي فصول
البلاد
وما دوّنته أفواه الأمّهات الباحثات
عن ذاكرة النفق الطويل
هنا ضوء وسنديان للقادمين
من بعيد
والنشيد اليتيم تطلقه الحناجر

قبل هطول المطر الغزير.....