كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المخرج السوري غسان جبري 1933 في ذكرى مولده

أسامة سعيد

غسان جبري (1933-2019) مخرج تلفزيوني ومسرحي سوري. يعد من كبار وأوائل مخرجي الدراما السورية، ومن روّاد العمل التلفزيوني في سورية وأحد المؤسسين له. لم يترك مجالاً فنياً إلا وعمل فيه، أعدّ وقدّم البرامج التلفزيونية وأنتج أوائل المسلسلات.
له أول عمل شامي: (النجسة)، (لكً ياشام)، (الغضب) و(الوصية)، وغيرها، إضافة إلى المسلسل الشامي البيئي المعاصر (حكايا الليل) من تأليف محمد الماغوط.
أول عمل بدوي للتلفزيون الأردني: (وضحة وابن عجلان).
أول عمل اجتماعي معاصر (دولاب) من تأليف أحمد قبلاوي.
أول عمل تاريخي (انتقام الزباء).
يقول: «نحن جيل مدني مثقف، جاء من أصول عائلية عريقة». اختياره مهنة الإخراج كان له وقع غير محبّب في تلك الأيام، إذ كان يُنظر إليها كمهنة وضيعة: «اليوم، صارت العائلات تفتخر إن كان أحد أبنائها مخرجاً. نحن من جعلنا هذه المهنة محترمة، رسمنا ملامح الدراما السورية في بداياتها الأولى».
هو أول مخرج دعي من أغلب المحطات العربية: الاْردن، الإمارات، الكويت، لبنان، اثينا، لندن، قطر، السعودية. وأول مدرس في المعهد التابع لجامعة الدول العربية، وأول من درس تقنيع الإذاعة والتلفزيون في المعهد العالي للفنون الدرامية.
حصل على على الجائزة الأولى من «مهرجان بغداد للتلفزيون» عن فيلمه «الغرباء لا يشربون القهوة» 1975.
أعماله قاربت خمسين مسلسلاً، وأفلام تلفزيونية درامية ووثائقية تجاوزت الثلاثين، وعدد من المسرحيات.
ولد غسان جبري في 3 أيلول من عام 1933 في دمشق، في منطقة الشعلان. كانت الأسرة قبل ذلك تسكن في بيت الجد في الشاغور (أصبح الآن مطعما مشهورا يحمل اسم "بيت جبري")، ولكن الجد اضطر لبيع البيت لابن عمه بسبب ضائقة المالية. والده ابن تاجر دمشقي كبير، درس في «كلية سان مارك» في الإسكندرية حيث ولد، فتربى غسان في المدارس الفرنسية هو وإخوته: «كان والدي مولعاً بالثقافة الفرنسية، ويتحدث لغتها كأهلها. التقى بأمي، البنت الشامية المستورة، وتزوّجها». كان جدّه من كبار تجّار القطن، وكان يملك منازل عدة في دمشق، وبيروت، وحيفا والإسكندرية، لكن في عام 1917، أعلن هذا الجد إفلاسه بعدما راهن على انتصار ألمانيا في الحرب، فحوّل ليراته الذهبية إلى عملة ألمانية.
هكذا، عادت الأسرة إلى دمشق، وعانت بعد ذلك الفقر، لكنها لم تتخلّ عن طموحاتها في التعليم والانفتاح على الحياة العصرية بكامل تجلياتها في الفن والثقافة والسياسة. أما الجدة، فقد استشهدت في عام 1936 على أيدي الفرنسيّين. لقد اغتيلت لأنها كانت تساعد ثوار الغوطة وهي في الـ56 من عمرها.
الظروف المالية والسياسية التي عصفت بسوريا ما بين الحربين، جعلت غسان وإخوته ـــــ سبع بنات وثلاثة صبيان ـــــ يختارون العلم طريقا وحيداً للخروج من كل الأزمات.
درس الابتدائي مدرسة طارق بن زياد بالمهاجرين، ومدرسة ابراهيم هنانو في منطقة الجسر الأبيض، ومدرسة معاوية في المرجة، ثم انتقل الى التجهيز الاولى وحصل على الشهادة الثانوية، وبعدها سجل في الجامعة السورية كلية الآداب، ثم انتقل الى كلية الحقوق، وعُيّن موظفاً في البريد. ومع انطلاق البث التلفزيوني عام 1960، أدرك هدفه في الحياة: «تعطّل عقلي. أنا خلقت للعمل في هذا المجال، في هذا السحر الذي يسمّى التلفزيون».
هكذا، تقدم إلى مسابقة للإخراج في التلفزيون السوري حيث قُبل عام 1961، وأُرسل إلى ألمانيا في دورة تدريبية استمرت ستة أشهر. لكنه قبل العمل في التلفزيون، كان عضواً مؤسّساً في «ندوة الفكر والفن» (1958)، بإدارة رفيق الصبان وعضوية مجموعة من المثقفين الكبار على رأسهم صلحي الوادي، ويوسف حنا، وجورج طرابيشي.
عمل مخرجاً مساعداً مع رفيق الصبان في مسرحية «ليلة الملوك»، و«أنتيغون»، و«يوليوس قيصر». وبعد انتقاله إلى التلفزيون، لم تنقطع صلته بالمسرح.
شغل غسان جبري مناصب كثيرة في التلفزيون السوري، من رئيس دائرة التمثيليات إلى رئيس دائرة المخرجين. وكُرِّم في العديد من الدول العربية والأجنبية. وعلى رغم ما قدّمه إلى الدراما السورية، ما زال حتى اليوم لا يعرف الرضى عن ذاته، فـ«الرضى معناه الإفلاس».
متزوج من الفنانة التشكيلية المعروفة أسماء فيومي.