كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أوراق الذاكرة والوجدان- سليم حانا (القادم الراحل)

مظهر الحكيم

من مِنّا لا يعرف ولا يذكر هذا الشاب النحيل... القادم من القامشلي...؟ قَدِمَ وهو يحمل في داخله مخزوناً فنّياً كالبركان.... قدِمَ وهو يتراقص على أنغام الموسيقا الفلكلورية والموسيقا الغربية..... قدِمَ حاملاً جائزة أفضل راقص باليه في القامشلي....
سليم القادم بفرحته الكبيرة لهذه الهواية التي جعلته نجماً قبل أن يبدأ نجوميته في دمشق... قَدِمَ وكلّه حماسة.... كلّه أمل وعفوية. سليم حمَلَ الفن القامشلاوي... حمَل آمال الجميع في القامشلي وحضَرَ إلى دمشق...
هذا هو سليم مع بدايته من هناك.. استقبله الجميع في دمشق تلقّى الرعاية والاهتمام وعمل في المسارح مع الجميع... مع المسرح القومي والشعبي وفي التلفزيون والإذاعة والسينما.. الأسود والأبيض عندما كان يبثّ به التلفزيون السوري شاهدٌ على هذا الشاب الذي قدّم هويته الخاصة... سليم خاص بكل شيء.. بأدائه المميّز.... وشخصيته النادرة.
برزَ بتلك الشخصية التي يتأتأ ويتلكأ بها... وكي يلفظ حواره يحتاج لوقفة من قدمه أو يده أو إلى هزّة من وسطه....
وقد يضطر إلى ضرب من يتحدّث إليه أو يلطمه أو يصفعه كي يكون الدافع إلى انطلاق حواره البسيط الذي يريد قوله.... ولشدّة مصداقيته في الأداء كان ينغمس لدرجة أنه كان يضرب بصدق.... كم تلقينا صفعات محببة منه في لقاءاتنا التلفزيونية الجميلة والتي تُعرض إلى اليوم...
التأتأة هي الشخصية التي انطلق بها سليم لتصبح على كل لسان في الوطن العربي... سليم سرق الكثير من نجومية الآخرين... هي ليست سرقة بالمعنى الصحيح.. بل هي تسرق المُشاهد الذي يحب كل شيء جديد وكل حالة جريئة ومميزّة.... فسليم واحدٌ ممن أثاروا ضجة فنية واسعة خاصة عندما ظهر مع دريد ونهاد ورفيق سبيعي...
سليم النجم الراحل.... من أضحك الكثير... وانتزع نجوميته بكل استحقاق من جميع المحيطين به. سليم صديق صادق... محب للجميع.. أتى ورحل بهدوء.. تعرّض لأزماته الصحيّة بهدوء.. تميّز بعطائه لفنّه وترك بصمته الخاصة وتوجها باسمه الكبير.. سليم حانا.... ليذكرك الجميع.... فمن المؤسف أن يُنسى أمثالك... رحمك اللـه سليم.. وجعل مثواك الجنّة مع من رحلوا... وأطال اللـه عمر كل من بقي ليكمل المشوار...