كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"ابتسم أيّها الجنرال" رصانة في الحوار وهشاشة في المعالجة الدرامية

أُبي حسن- فينكس

بالرغم من الاكتفاء بعرضه عبر منصات اليوتيوب (إذ لاعلم لنا إن كان عُرض عبر إحدى الفضائيات) إلّا أنه شهد إقبالاً جماهيرياً ملحوظاً، طبعاً نعني مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" بطولة مكسيم خليل وعبد الحكيم قطيفان، ومن إخراج عروة محمد، فيما السيناريو والحوار والتأليف لسامر الرضوان. وهنا لابدّ من القول إن الإقبال الجماهيري على أي عمل فني كان لايعني بالضرورة أن العمل ناجح أو بالحد الأدنى لاتعتريه النواقص والعيوب، وإلّا لاعتبرت مسخرة "باب الحارة" ملحمة.

في حالة "ابتسم أيها الجنرال" قد يكون سبب الجماهيرية مفهوماً، إذ ثمة اسقاطات قد يكون صنّاع العمل يقصدونها وإن حاولوا تبرئة أنفسهم من أي منها من خلال الملاحظة الشهيرة في الشارة بأنهم لايقصدون أحداً، وحال وجد أي تشابه مع الواقع فهو بمحض المصادفة!

الآن، وبمعزل عن السياسة ودهاليزها، والاسقاطات وزاوريبها، نجد أن المسلسل المذكور اتسم بحوار يخلو -عموماً- من السفاهة والاسفاف والكلام البذيء، لكن هذا وحده ليس كفيلاً بجعل النص متيناً وناجحاً بمعزل عما حُظي به من متابعة جماهيرية لأسباب معلومة كما نوهنا.

فليس سرّاً أن النص كان يشكو من ضعف درامي في مفاصل عدة، خاصة إبّان افتعال ذرائع كي يكون التصعيد الدرامي ناجحاً ومقنعاً للمشاهد.

نذكر من النقاط الضعيفة في النص، مثالاً لا حصراً:

عند اعلان العميد وضاح فضل الله انشقاقه عن نظام بلاده وقيامه بنشر فضائح جنسية مع نساء مسؤولين، وتهديده بكشف ملفات محرجة لنظام بلاده، سيعرف العميد حيدر (وهو مسؤول أمني كبير) من خلال أحد ضباطه أين مكان سكن ذاك المنشق، فسرعان ما يطلب المسؤول الأمني الكبير من الضابط العامل لديه أن ينسى هذا الموضوع وأن لايبح بالأمر لأحد! طبعاً لا يخبرنا أي من صنّاع العمل ما هي غاية العميد حيدر من عدم تعقب مكان المنشق وإلقاء القبض عليه! وإلّا ما هو المبرر الدرامي لذلك المشهد برمته؟! ولماذا لم يبق مكان اختفاء العميد المُنشق عصياً على الأجهزة المعنية بتعقبه؟ ألم يكن الخيار الثاني أكثر منطقية؟

من المشاهد الدرامية غير المقنعة في العمل هو عند ذهاب النقيب جاسم مع مجموعة عساكر لمنزل المحقق (في الدولة الجارة) الذي كان يحقق مع جاسم وأهانه إبان التحقيق فوعده الأخير برد الإهانة، كي ينتقم منه؛ اللافت هنا أن جاسماً أخذ عنوان منزل المحقق من الفرع الذي يخدم به المحقق، وكان من السهل جداً على أولئك العناصر إخبار المحقق بأن جاسماً في طريقه إليه في منزله بغرض الانتقام، لاسيما أن العناصر في فرع المحقق شاهدوا القوة العسكرية التي داهمت الفرع و"حررت" جاسماً منه!

لابل أن جاسماً وعناصره يقومون بإحراق منزل المحقق، وبالآتي البناية التي فيها المحقق، ويقفون يتفرجون على ألسنة اللهب، في حين أن أياً من سكّان البناية لايصاب بالذعر فنراه يخرج منها مذعوراً على عجل، كما لا نرى جيراناً لسكّان البناية المشتعلة يطلون برؤسهم ليروا ما يحصل ولو من باب الفضول!

 

 أكثر من ذلك: قوة عسكرية تتبع لدولة جارة تقتحم فرعاً أمنياً لدولة أخرى بذريعة وجود قوات لها في تلك الدولة، وخبر مثل هذا لانجد له أصداء في الأخبار ووكالات الأنباء على الأقل!

وكي لا نطيل، نعتقد أن شرط زوجة الرئيس لمقابلة عاصي الذي تمرد على شقيقه، هي أن يمثل أمامها عارياً هو مشهد لا طعم له ولا لون لا رائحة، ولم يخدم العمل الدرامي بشيء، ولا ندري ما الغاية منه!

أخيراً: لعل صنّاع العمل يتفقون معنا أن الطريقة المختلقة من قبل سامية (شقيقة الرئيس) وخالها لهروبها المزعوم منه وهما في طريق عودتهما للعاصمة يث الرئيس ونزولاً عند أمره، ومن ثم اختبائها عند سيدة في إحدى أحياء المخلّفات الشعبية، كانت تعمل (السيدة) فيما سبق بمزرعة الخال، فيها الكثير من الهشاشة الدرامية وعدم الاقناع بمعزل عن الدراما التي أعقبتها إبّان تواجد سامية في منزل العائلة المذكورة.

  عود على بدء: انطوى على العمل على حوار مقنع عموماً، وبعيد كل البعد عن السفاهة كالتي تابعناها في "زند العاصي"، لكن قبالة ذلك كان في متن النص الكثير من الأخطاء الدرامية التي كان بالإمكان تلافيها بسهولة، فقط بمزيد من التأني. ويبقى أن نختم بالإشارة إلى البذخ والكرم الذي كان واضحاً من قبل الجهة المنتجة للعمل، إذ لم نسمع أن أحدا ممن كانوا في المسلسل اشتكى من شركة الانتاج جرّاء هضمها لحقه كما تفعل غالبية شركات الانتاج التلفزيوني في الداخل السوري، والتي روائح فساد معظمها تزكم الأنوف، والمنشغلة بطبيعة الحال في انتاج الأعمال الهابطة على الصعد كافة.