جسر (المسيب) وقصة أغنية لناظم الغزالي
2023.08.27
علي سليمان يونس
منذ عدة سنوات، وفي طريقي من بغداد الزوراء، إلى كربلاء الشهداء.. كان نهر الفرات، يتهادى بين ضفتيه معلنا عن عظمته، قائلا:
ها أنذا.... فتذكرت حكمتي المفضلة التي تقول:
(إن الحاكمَ كالنهر العظيم، تستمدُّ منه الينابيع، فإن كان عذباً عذِبتْ.. وإن كان مالحا ملحتْ).
كما خطر على بالي أن أسأل أين يقع جسر (المسيب) الذي أتذكره كلما دندنتُ بيني وبين نفسي أغنية "ميحانا" التي أحفظها من صغري ويغنيها المطرب ناظم الغزالي..
ولم يمر سوى فترة زمنية قصيرة، وإذ بالسائق يقف فوق جسر، ويقول لي هذا هو جسر المسيب! وتابع قائلا: وهذا قضاء المسيب التابع لمحافظة بابل في منطقة الفرات الأوسط، وكما ترى أن نهر الفرات، يشطرها نصفين بين مدن بغداد وكربلاء والحلة.
أما الأغنية فلها قصة حقيقية أرويها لكم.. يُحكى أن شاباً عراقياً من مدينة "المسيّب" العراقية.. كان يملك قارباً صغيراً يجوب به نهر الفرات يتنقل وينقل فيه الحيوانات، والحبوب وغيرها.
اعتاد هذا الشاب بصوته الجميل الغناء أثناء تنقله بقاربه فكان الناس يقفون على شاطئ النهر مستمعين لصوته الأخّاذ، فنشأت قصة حب شديدة بين الشاب وفتاة ريفية اعتادت نقل الماء من ضفاف النهر إلى منزلها.
لم يكن يعلم بقصة حبهما سوى صديقتها "ميحانة" التي كانت تشجعها على الإفصاح بحبها له رغم أنها تعي جيداً بأن هذا الشاب كان يبادلها الحب لكنها تخشى أن يعلم الناس بقصتها.
وبعد مرور مدة من الزمن حدثت حادثة أودت بحياة هذا الشاب!.. فحزنت محبوبته عليه حزناً شديداً.. وفي إحدى الأيام كانت تلك الفتاة جالسة على ضفة الشاطئ تغسل الأواني قرب جسر المسيب التاريخي، فمر القارب الذي اعتاد محبوبها ركوبه، مروراً صامتا خالياً من حبيبها ومن صوته الجميل، فأحزنها وهيّجَ عليها الذكريات، فالتفتت إلى صديقتها "ميحانة" وكانت الشمس توشك على الغروب وانشدت هذه الفتاة الريفية منادية صديقتها:
"ميحانه ميحانه
غابت شمسنا الحلو ما جانا
حياك.. حياك بابا حياك
الف رحمه على بَيّك
هذول ال عذبوني
هذول ال مرمروني
وعلى جسر المسيب سيبوني
عافت عيوني النوم
بعدك حبيبي العين ذبلانه
بلوح القدر مكتوب
بهجرك حبيبي الروح ظمآنه
ظليت انا سهران
وارعى نجومي ليش ماجانا
واتسامر ويا الليل
واجمع همومي وروحي تلفانه
خلي الدموع اتسيل
من عيني دمه الروح ظميانه
خل اللي يلوم يلوم
قلبي يحبه ليش ما جانا
ويش على بيه الناس
كل من بدربه الحلو خلانا
واللي فديته الروح
روحي ظلمه بس كَم خلاّنه
هذوا ال عذبوني
هذول ال مرمروني
وعلى جسر المسيّب سيّبوني..