كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عندما كسب الأبنودي الرهان من حليم وكتب له "أحضان الحبايب"

من يستمع إلى أغنية "أحضان الحبايب" لعبد الحليم حافظ، فسيعتقد تماما أنها استغرقت من كاتبها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي فترة طويلة للانتهاء منها بسبب كلماتها العميقة، ولكن لن تصدق أن "الخال" انتهى منها خلال فترة وجيزة، فضلا عن السبب الرئيسي الذي دفعه لكتابتها!

ووراء ظهور أغنية "أحضان الحبايب" واقعة طريفة رواها عبد الرحمن الأبنودي في أكثر من لقاء صحفي، إذ كشف أنه كتبها في المقام الأول تحديا لعبد الحليم حافظ، بعد أن سخر هو من الأغنيات التي دائما ما تظهر في نهاية الأفلام، وتحمل الكثير من الشجن.

ويقول الأبنودي بخفة دمه وتلقائيته: "كتبت الأغنية تحديا لحليم بعد أن انتقدت أفلامه التي ينتهي أغلبها بأغنية حزينة على خشبة المسرح، والتي نرى فيها الحبيبة مشلولة وهي تستمع لها عبر الراديو، مثل حال فيلمه "حكاية غرام".

وتابع: "في المقابل غضب حليم من سخريتي، وأكد لي بأن هذه الأغنيات كتبها أساتذة كبار وأنني لا أستطيع أن أكتب كلمات مماثلة لها، الأمر الذي زاد حماسي ودفعني إلى مراهنته على أنني مستعد أن أكتب له الآن أغنية من تلك النوعية، وأنه في حال فوزي في الرهان فسيكون مجبرا على دفع المبلغ الذي أطلبه مقابل غنائه لها".

وأشار الأبنودي لحليم أن الأغنيات الرومانسية التي يغنيها في أفلامه لا تتطلب بذل مجهودا خرافيا وأشبه بـ "الكيمياء" على حد تعبيره، وأنه يرفض كتابتها لأنه متمسك بكتابة أغاني تحمل معاني صادقة.

وأردف: "وافق حليم على خوض الرهان معي، وكان شاهدا عليه محمد الموجي وكمال الطويل ومجدي العمروسي ومفيد فوزي، وجلست في غرفة الطعام بداخل منزل حليم الواقع أمام حديقة الأسماك في حي الزمالك، وانتهيت من كتابة "أحضان الحبايب" في فترة أقل من غناء حليم لإحدى أغنياته!".

وأكد عبد الرحمن الأبنودي أن عبد الحليم حافظ لم يكن يصدق أنه انتهى بالفعل من كتابة الأغنية، وعندما قرأ كلماتها على الحاضرين وأنهاها بـ "حتى في أحضان الحبايب شوك يا حنفي" دخل الجميع في نوبة من الضحك المتواصل، ليغضب حليم في المقابل، وينسى تماما رهانه معه، وقام بغنائها في نهاية الأمر.

وغنى عبد الحليم حافظ أغنية "أحضان الحبايب" في آخر أفلامه السينمائية "أبي فوق الشجرة" من إنتاج 1970، وهو من إخراج حسين كمال، ويشارك في بطولته نادية لطفي، وعماد حمدي، وميرفت أمين.

*****
والقصة هي كما يلي:
القعدة كانت حلوة في بيت عبد الحليم حافظ، كل أصحابه قاعدين معاه ومنهم بليغ ومرسي جميل عزيز ومجدي العمروسي ومحمد الموجي والأبنودي، الكل كان رايق وبيهزر ويضحك.
عبد الرحمن الأبنودي من ضمن الضحك والهزار لما جت سيرة أغاني عبد الحليم إللي بتظهر في آخر الأفلام بتاعته قعد يسخر منها ويتريق عليها، حاجات من نوعية جبار وغنيلي لحن الوفا مكانتش بتعجب الأبنودي وشايفها سلق بيض ومعمولة عشان تترص في الأفلام وخلاص.
-عبد الحليم مكانش عاجبه الكلام وقاله يا أبنودي الأغاني دي كتبها فنانين كبار
=الأبنودي قاله يا حليم كبار أو صغار ميهمنيش، إللي هاممني في الموضوع إنها مكتوبة بدون إحساس ومعمولة عشان قرشين وحشو وخلاص.
-عبد الحليم قاله يا أبنودي إنت متعرفش تعمل حاجات زى دي، تفهم إيه انت في الإحساس والحب والكلام الشاعري يا بتاع عدوية، إنت راجل بتاع شعبي وبس.
=الأبنودي قاله والله لو عاوز أكتب دلوقتي حاجة من دي حكتبها وانا قاعد معاك حالا وبدون تفكير ولا ترتيب، ولو أنا بتاع الكلام ده كنت حشتري بفلوسهم بيتين ملك.
-حليم قاله ماشي أحب أشوف، وبوعدك براهنك أدام الموجودين لو كتبت حاجة زى "جبار" حديلك الفلوس إللي عاوزها ومش حناقشك.
عبد الحليم كان عارف إنه بيستفز شاعر، واستفزاز شاعر زى الأبنودي أكيد حيخرج منه حاجة كبيرة.
الأبنودي سخن وقام ساحب سيجارة حاططها في بؤه وقام وقف وقعد يتمايل يمين وشمال بسخرية وكل الموجودين بيضحكوا.
قام الأبنودي وهو بيترقص قال:
مشيت على الأشواك
وجيت لأحبابك
لا عرفوا إيه وداك
ولا عرفوا إيه جابك
حتى في أحضان الحبايب شووووك يا فوزي
عشان ينفجر كل إللي قاعدين من الضحك إلا واحد بس فيهم هو عبد الحليم إللي قال للأبنودي هو انت بتهزر، هو الكلام ده تريقة وسخرية؟
والله يا أبنودي ما انت خارج من هنا إلا وانت مخلص الأغنية دي.
الأبنودي إللي كان بيتريق حس إن الحكاية دخلت في الجد قام مطلع ورقة وقلم وكتب المذهب، والموجي أخده ولحنه لحد ما الأبنودي خلص باقي الأغنية كلها بالكامل ولحنها الموجي في قعدة واحدة عشان تتغنى واحدة من أكتر الأغاني الأيقونية الحزينة في تاريخ الفن وتتغنى في آخر أفلام عبد الحليم حافظ وهو فيلم "أبي فوق الشجرة".
كسب الأبنودي الرهان وفاز بأعلى أجر تقاضاه طول حياته وقتها عن الأغنية
وخسر عبد الحليم الرهان لكنه كسب ومعاه جمهوره ومحبيه أغنية عظيمة من أجمل الأغاني إللي غناها طول حياته.