كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نهج جديد في تربية الأطفال.. ما هو الإهمال الحميد؟

في عالم تربية الأطفال، تظهر باستمرار أساليب واتجاهات جديدة تحاول تقديم الأفضل للأطفال، وتحديد طرق مناسبة للتعامل مع تحديات الأبوّة في الزمن الحديث. 

أحد أبرز هذه الاتجاهات التي تصدرت النقاش مؤخرًا هو مفهوم "الإهمال الحميد"، الذي أثار جدلاً واسعًا بين المختصين والآباء على حد سواء.

وقد أصبح الحديث عن هذه الطريقة الجديدة في التربية عبارة عن "ترند" كذلك يتصدر مواقع التواصل الإجتماعي، لذلك يجب معرفة ما إذا كان فعلا حميدا على الطفل أم لا.

ما هو الإهمال الحميد؟

يبدو أن مصطلح "الاهمال الحميد" يدعو في ظاهره للابتعاد عن الممارسات الأبوية التقليدية التي ترتكز على الإشراف المستمر والتدخل المتواصل في حياة الأطفال. 

ووفقًا لأخصائية علم النفس الأمريكية جويل نجم، يعبر هذا المفهوم عن نهج يعتمد على "الاستقلال المدعوم"، حيث يُمنح الأطفال مساحة للنمو والاستقلالية دون الحاجة إلى تدخل دائم من الوالدين، ما يتيح لهم فرصة استكشاف العالم وتجربة الحياة بطريقتهم الخاصة.

هذا المفهوم الذي صاغه علماء النفس يعود جزئيًا إلى فكرة "الأم الجيدة بما فيه الكفاية" التي طرحتها المحللة النفسية أليس ميلر، والتي ترى أن تربية الأطفال تتطلب توازنًا بين الدعم والحرية.

 فالأم الجيدة بما فيه الكفاية، وفقًا لميلر، هي الأم التي تقدم الدعم الأساسي لطفلها، لكنها تسمح له بمساحة للتعلم من تجاربه الخاصة، بدلاً من التدخل المفرط في كل تفاصيل حياته.

الانتقادات والتحديات

رغم الشعبية المتزايدة لمفهوم "الإهمال الحميد"، إلا أن بعض المختصين يعترضون على تسميته. 

حيث يرى الدكتور حبيب عبد الله، أخصائي علم النفس السريري للأطفال، أن مصطلح "الإهمال" يحمل دلالات سلبية. 

إذ يرى أن التربية يجب أن تكون قائمة على "فن التربية اللطيف" الذي يشدد على التوجيه دون السيطرة، والتواصل الفعال مع الأطفال لتشجيعهم على النمو الصحي والمرن.

بالإضافة إلى ذلك، يشير معارضو هذا النهج إلى أن هناك خطًا رفيعًا بين تقديم الاستقلالية للأطفال وتركهم دون توجيه أو دعم، مما قد يؤدي إلى شعورهم بالوحدة أو العجز عن التعامل مع تحديات الحياة.

وبالرغم من الانتقادات، يُعتبر الإهمال الحميد أسلوبًا مفيدًا في تربية الأطفال، حيث يعزز الاستقلال والقدرة على حل المشكلات، ويُنمّي الثقة بالنفس. 

يسمح للأطفال باتخاذ قراراتهم الصغيرة، مثل اختيار ملابسهم أو إدارة وقتهم بشكل مستقل، وهو ما يعزز مرونتهم العقلية والنفسية.

كيف يمكنك تطبيق الإهمال الحميد في حياتك اليومية؟

بالنسبة للآباء الذين يرغبون في تبني هذا النهج، يقترح الخبراء البدء بتقديم مساحة للأطفال لاتخاذ قراراتهم الخاصة، مع ضمان سلامتهم وتوجيههم عند الضرورة. 

وأحد الأساليب المقترحة هو السماح للأطفال بتحمل بعض المسؤوليات، مثل القيام بأعمال صغيرة بمفردهم، أو عدم التدخل في حل واجباتهم المدرسية باستمرار. 

كما يشدد الخبراء على ضرورة التواصل الدوري بين الآباء والأطفال دون الحاجة إلى الإشراف المستمر.