أوّل دار للشعر والأدب وأوّل منتدى أدبيّ في التاريخ العربيّ
2023.05.20
محسن سلامة- فينكس:
كانت سيّدةَ نساء عصرها، ومن أجمل النساء، وأحسنهنّ أخلاقاً، و أكثرهنّ تذوّقاً للأدب ونقد الشعر.
كان الشعراء يختلفون إلى مجلسها، ويتحاكمون إليها، فتنتقدهم وتجيز الشعراء على ماتراه حسناً من قولهم.
حدّث المدائنيّ أنّ الفرزدق خرج حاجّاً فمرّ بدار سُكينة بنت الحسين، فقالت له: يا فرزدق من أشعر الناس؟ فقال: أنا، فقالت: والله أشعر منك مَنْ يقول:
بنفسي مَنْ تجنُّبُهُ عزيزٌ عليَّ ومَنْ زيارتهُ لِمَامُ
ومَنْ أمسى وأصبحَ لا أراهُ ويطرقُني إذا هجعَ النِّيامُ
فقال: والله لو أذنتِ لي لأسمعْتُكِ خيراً منه.
وعاد في اليوم الثاني، فقالت: يا فرزدق من أشعر الناس؟ فقال: أنا، قالت: أشعر منك الذي يقول:
لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ ولَزُرْتُ قبرَكِ والحبيبُ يُزارُ
فخرج الفرزدق أمام رقّة وجمال هذا الشعر، وعاد في اليوم الثالث، وقال لسُكينة: أنا أشعر الناس، قالت له: أشعر منك مَنْ يقول:
إنّ العيونَ التي في طرْفِها حَوَرٌ قَتَلْنَنا ثُمَّ لم يُحْيينَ قَتْلانا
يَصْرَعْنَ ذا اللُّبِّ حتّى لا حَراكَ بهِ وهنَّ أضعفُ خلقِ اللّه أركانا
فلم يعرف الفرزدق كيف خرج من المجلس لا يحسن جواباً، وكانت جميع الأبيات التي رأتها سُكينة أنّها أجمل الشعر لرقّتها وعفّتها للشاعر جرير المنافس الأوّل للفرزدق.
المرجع تاريخ النقد الأدبيّ عند العرب، الدكتور عبد العزيز عتيق، ص 164، الأغاني لأبي الفرج الأصبهانيّ