كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"مايوه" سهير الأتاسي.. والتقية التي تمارسها المعارضة السورية

ليس أكثر ما يثير الدهشة حول الصورة التي انتشرت مؤخراً للمعارضة السورية الشهيرة سهير الأتاسي على وسائل التواصل الاجتماعي، تركيز العدد الكبير من السوريين الذين تداولوا الصورة على ما ترتديه المعارضة والمناضلة المعروفة من ملابس كاشفة، ولا الانتشار الكبير للصورة بين السوريين –مؤيدين ومعارضين- بحكم هذه الملابس، والذين أجمع معظمهم على شتم صاحبتها. 

فقد أثبتت السنوات الست الأخيرة أن الحريات بكامل أنواعها هي العدو الأول للغالبية العظمى من السوريين. كيف لا؟! وقد جعل المؤيدون من التنادي بكلمة حرية جريمة يستحق مرتكبها التخوين والاعتقال وحتى القتل، رغم أن هذه الكلمة تحديداً هي إحدى الأهداف الرئيسية الثلاث لحزبهم القائد حزب البعث العربي الاشتراكي، الأهداف الثلاث التي أُجبر السوريون صغاراً وكباراً على ترديدها عبر عقود حتى غدا نسيان السوري لاسمه أقرب إليه من نسيان الثلاثية الشهيرة (وحدة حرية اشتراكية).

أما المعارضون و(الثوار) الذين مزقوا حناجرهم وطبلات آذاننا صدحاً بذات الكلمة في مظاهراتهم، وما زالت نخبهم وواجهاتهم السياسية والثقافية والإعلامية تتكئ عليها عند كل منعرج يعترضها أو انتقاد يطالها بحكم الفساد والتبعية بل والعمالة التي غرقت بها منذ اللحظة الأولى عن وعي أو عن غير وعي، فيكفي لندرك حجم الفاجعة التي ألمت بنا بسبب هؤلاء أن نتذكر أن وجود امرأة واحدة غير محجبة أو علماني واحد صريح يعلن علمانيته بات ضرباً من المستحيل على امتداد الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة بجميع تدرجاتها اللونية، من أَسْود داعش والنصرة وأشباههما من الفصائل الإسلامية المشتركة في حمضها النووي الفكري -وإن افترقت وتصادمت في بعض الأحيان- إلى ملوّن الجيش الحر الذي لا يخفى على عارف أنه مُسخ من (الجيش الوطني الحلم لنسبة كبيرة من السوريين عام 2012) إلى عدد يصعب إحصاؤه من الفصائل المرتزقة التابعة لجهات إقليمية ودولية. الأمر الذي جعله يخسر معظم الأراضي التي كان له أن سيطر عليها بين عامي 2012 و2013، وينحسر إلى مناطق محددة أوضحها المناطق الحدودية مع الأردن وتركيا، بالإضافة إلى بعض الجيوب القليلة في الداخل، والتي تكاد تهمل لصغر مساحتها بالمقارنة مع المساحات التي يسيطر عليها كل من النظام والإسلاميين المتطرفين والقوة الناشئة مؤخراً قوات سوريا الديمقراطية.

لكن وبالعودة إلى موضوع صورة الأتاسي فإن ما يثير الدهشة حقاً، هو أن أحداً من الآلاف الذين تداولوا الصورة وأدلوا بدلائهم حولها ومنهم سياسيون وإعلاميون ومثقفون، لم يقارب الأمر من الزاوية الوحيدة التي يمكن لصاحب رأي أن يقارب الأمر منها دون أن يقع في شرك التطاول على الحرية الشخصية لسهير الأتاسي، أو أن يقع في شرك تمرير سلوكها كسياسية ومعارضة تبوأت -أو بوئت- عدداً من المناصب جعلتها إحدى الثوابت القليلة على مستوى الكوكب في زحمة المتغيرات التي طالت الخرائط السياسية للمنظمات والدول، أن يقع في شرك تمرير سلوكها عبر الدفاع عنه بدعوى أنه سلوك شخصي. وذلك بتمريره فرصة التركيز على النقطة الأهم في كل القضية وهي نقطة المصداقية والوضوح مع الجمهور والأتباع.

لا شك أن كارثة السوريين كانت وما تزال في نخبهم التي ما تزال تعجز عن تهجئة المَشاهد البسيطة قبل المعقدة بدلاً من أن تنفذ إلى عمق هذه المَشاهد. 

قد يبدو ما أقوله ضرباً من الاستعراض الفكري، ولكن هل على النخب أن تنأى بنفسها عن الغوص بحثاً عن حقيقة المشكلة كيلا تُتهم بالتعقيد والاتجاه إلى الاستعراض؟!

لا شك أن ارتداء سهير الأتاسي للمايوه وجلوسها بالطريقة التي ظهرت بها في الصورة المسربة سلوك شخصي، وما أكثر السلوكيات الشخصية للسياسيين السوريين مؤيدين ومعارضين! ولكن ألم تكن خيانة بيل كلينتون لزوجته هيلاري مع مونيكا ليونسكي سلوكاً شخصياً؟!

أما أودت فضيحة السلوك الشخصي لبيل كلينتون بسمعة الرجل ودمرت مستقبله السياسي؟!

هل تجنت النخب الأميركية على بيل كلينتون عندما ربطت بين سلوكه الشخصي ومصداقيته كشخصية سياسية عامة تمثل الملايين من مواطنيها؟! أم أن تلك النخب ربطت الأمريين ببعضهما عبر الغوص قليلاً تحت السطحي المباشر الساذج المتمثل بمهاجمة السلوك أو الدفاع عنه كونه سلوكاً شخصياً؟!

عندما يدلل سلوكك الشخصي (المسرب) بما لا يقبل الشك على أنك تخالف المثال الأخلاقي لأتباعك ومن تمثلهم –أو الأصح من تغتصب تمثيلهم في الحالة السورية- يغدو نزع الشرعية عنك واجباً على هؤلاء وحقاً لهم في ذات الآن.

فالتقية السياسية مرفوضة أخلاقياً في المجتمعات الديمقراطية الواعية، والمجتمعات الواعية هي التي تمتلك نخباً واعية تجيد التحليل والتركيب وبالتالي تجيد كشف الأسباب الفعلية ووضع الحلول.

ولكن هل مارست سهير الأتاسي وحدها التقية السياسية بإخفاء معتقدها الفكري وخطها السلوكي؟! كونها علمانية متحررة تحالفت مع الإسلاميين؟! 

ألم يمارس جميع سياسيي المعارضة دون استثناء ذات التقية السياسة فكان خطابهم الدعائي في واد ومعتقدهم الفكري ونهجهم السلوكي في واد آخر تماماً؟! 

إن استعراضك للصفحات الشخصية للسياسيين المعارضين والنخب المعارضة سيصيبك بصدمة حقيقية.

فبينما يتواجدون جميعهم في مناطق آمنة خارج الأراضي السورية يصرون جميعاً على أن الثورة مستمرة كظرف تاريخي حتمي، ولكن لماذا يهربون وأبناؤهم من الظرف التاريخي الحتمي تاركين الفقراء ممن اغتصبوا أصواتهم للموت المجاني الحتمي؟! لماذا لا يحرّض هؤلاء الفقراء على الاقتداء بهم عبر الهرب من ساحة الموت؟! أليس اقتداء أتباعه به والسير على خطاه فكرياً وسلوكياً هي الغاية الوحيدة التي يأملها النخبوي الأخلاقي؟! 

لماذا جعل جميع هؤلاء من جثث فقراء سوريا وعذاباتهم سلالم وصلوا عبرها إلى الشهرة والأمان والاستقرار المالي إن لم نقل لمراكمة الثروات؟! 

لماذا وبدل أن يحرص جورج صبرا على انضمام ابنه إلى صفوف الجيش الحر، حرص على أن يؤمن له تأشيرة الدخول إلى أوروبا؟! 

لماذا وبدل أن يحرص هادي البحرة على أن يكون ابناه في صفوف الثوار الأحرار، حرص أن يستمر أولهما في عمله وتأسيس مستقبله في أميركا وأن يؤمن للآخر فرصة للدراسة الجامعية في أستراليا؟!

لماذا يزور العقيد عبد الجبار العكيدي وهو أحد أشهر قياديي الجيش الحر ابنه في موطن إقامته الجديد الآمن في ألمانيا، بدلاً عن أن يزوره على خط الجبهة في الداخل السوري؟!

لماذا وبينما كان المعارضون المناضلون من سياسيين ونخب يتصارخون جميعاً بالمراهنة على الثورة والجيش الحر مؤكدين انتصارهما وهزيمة النظام، كانوا يتسابقون في تأمين فرص اللجوء والإقامات الطويلة في الدول العظمى لهم ولعوائلهم؟! 

بأي مسحوق غسيل تم تنظيف رياض حجاب ورياض نعسان آغا وأشباههما من أفسد فاسدي النظام وانتهازييه؟!

لماذا تغيب كل هذه الأسئلة ويتصدر المشهد (مايوه) سهير الأتاسي؟!

عماد نجار
مدونة روزنة

سرقة للغاز الصناعي بـ٤٠٠ مليار ليرة في حلب!
الممرضون في عيد الفطر السعيد
مقال الدكتور مهدي دخل الله.. الحصاة التي كسرت جمود البركة!
اقتراح قد يرضي الحكومة والمواطن المعتر
حول قرار مجلس الوزراء بتسوية أوضاع المكتتبين على السكن
المؤسسة العامة للإسكان.. وحكايات أغرب من الخيال!
إعلان جريء من سلطنة عمان يفاجئ دول الخليج.. فماذا أتى به؟
القضاء اللبناني يقول كلمته بعد حادثة الرسوم الداعمة للشذوذ في مدرسة لبنانية
مكتتبو السكن الشبابي يقرعون باب رئيس الحكومة.. فهل من مجيب؟
كلمات على هامش ما يجري في بعض السويداء
رسالة مفتوحة الى السيد وزير الاعلام السوري
هل يجد الجيولوجيون حلاً لاختفاء قيس الزرزور في مغارة عين الدلبة؟
نص الرسالة التي رفعها متظلمو السكن الشبابي لرئيس اتحاد العمال
عن العميل فايز الدوري
“لوموند” تفجر فضيحة “المجتمع المدني” في الدول العربية