كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قصص من الماضي.. حبّة حبّة يا علاّم

معن حيدر- فينكس:

بينما كنت أتابع مقطعا على اليوتيوب شورتز ظهر لي مقطع (حبّة حبّة يا علام) من مسرحية مدرسة المشاغبين، ورغم طرافة المشهد إلّا أنّه ذكّرني بما حكاه لنا والدي عن قصّة وعبرة حصلتْ معه في قديم الزمان، حيث قال:
((كان في يبرود عائلتين كبيرتين تربطهما صلة القربى والنسب نشب بينهما منذ أيام الجدود خلاف بدأ أساساً على زعامة الأسرة، وأصبح فيما بعد خلافاً على الإرث وتقاسم الأراضي والمياه. واستفحل الخلاف وتحوّل إلى ثارات بسبب ما خالطه من دماء من الأسرتين، حتى أصبح مزمنا عصيّا على الحل)).
وتابع: ((وقد لمسنا في إحدى السنوات إمكانية إصلاح ذات البين بينهما،
وكعادتنا في تلك الأيام شكّلنا (جاهة) من رجالات يبرود وبدأنا أولا، حسب الأصول، بالتواصل مع رأسي الأسرتين كلّ على حدة، فرحبّا بالأمر وأبديا نيّة حسنة.
وبناء عليه قمنا بزيارات متتابعة لكلا الأسرتين كنّا نضع أفكاراً ننقلها لهم، وننقل أفكارهم المتبادلة للوصول إلى المصالحة)).
وأكمل يقول: ((وفي إحدى المرّات كنّا في مجلس موسّع عند إحدى العائلتين نقلنا لهم فيها ما دار في زيارتنا للعائلة الأخرى، وقبل أن يتكلم رأس الأسرة، تناول الكلام أحد الحاضرين من أقربائه وهو رجل دين محترم، قدّم لكلمته بآيات من القرآن الكريم والحديث الشريف تتحدّث عن الصلح والوئام والمحبة
وتوجّه لي في نهاية كلمته قائلا:
أبو حيدور ليش ما منبادر نحنا تجاههم بادرة حسن نيّة، ومنفتحلتهم باب هادي الجنينة (وأشار إلى حديقة الدار أمامنا) يفوتوا يزرعوا فيها ويستفيدوا منها...
حدث صمت في المجلس ونظر الجميع إلى رأس الأسرة الذي بقي صامتاً ونظر إليّ ليرى جوابي.
قلت للسائل: يا شيخ محمد من جهة حسن النية، فأكيد هي موجودة عنكم وإلّا ما كنتو شفتونا هون، وهنّي (وأقصد العائلة الأخرى) كمان أبدو حسن نية للصلح،
ولكن الحق شي وحسن النية شي آخر، وأنت يا شيخ محمد رجل دين وبتعرف بالأصول.
إذا بدّك تحكي بحسن النيّة هنّي كمان داخلين بأراضيكم وع بيزرعوا فيها يمين وشمال.
ليش هنّي طلبوا منك شي ولّا هالكلام تبرع من عندك؟
لا (تنبرع) الله يرضى يرحم أهلك
ردّ مرتبكا: يعني بتعرف أبو حيدور في دم وفي ظلم...
رددتُ عليه: الدم والظلم وقع ع التنين، الله يرضى عليك يا شيخ محمد لا كنّا وقت صارت المشاكل ولا منعرف شو صار إلّا اللي سمعناه نقلا عن عن عن عن
نحن ولاد هلأ.. حاجة ننكش بالماضي.
بلاع ريقك وع مهلك شوي شوي هدّي علينا وخلينا نمشي بالصلحة طالما النيّة متوفّرة عند العيلتين.
وهنا ردّ عليه أيضا أحد الحاضرين من أقربائه بين مزح وجد: والله يا أبو حيدور هالحكي من عندو، هدوليك ما طلبوا منو شي.
يا شيخ محمد متل ما بيحكوا المثقّفين: هادي كلمة حق أريد بها باطل،
أنت ما كنت هيك، أنت صاير هلأ متل ما تفضّل وحكى أبو حيدر مبروع كتير.. أو أنو اشتروك هدوليك؟
تريك الجاهة يكمّلوا شغلهم ع الأصول وإن شاء الله بصير خير
وخلّينا نقرا الفاتحة على نيّة الصلحة ونهديها لروح النبي وآله وأصحابه أجمعين)).
وعندما سألنا والدي: إي وشو صار بالصلحة؟
قال متأسفاً: ليش بوجود هيك ناس، من الطرفين طبعاً، بتتوقّعوا يصير صلحة و لّا خير؟