كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"البيت العربي" والحجاب

أحمد غانم- فينكس

 أذكر أني استمعت في عام ١٩٧٤ إلى محاضرة لباحث فرنسي على أحد مدرجات جامعة دمشق، وهي ملخص رسالة ماجستير لهذا الباحث، درس فيها بنية ووظائف ما نسميه البيت العربي من المغرب إلى سورية.
وسأورد بعضا من الاستنتاجات التي خرج بها هذا الباحث عن طبيعة وبنية بناء البيت العربي الذي يشيد الكثيرون بمزاياه وجمالياته وظلالات ذلك من الوجهتين الاجتماعية التاريخية والنفسية.
البيت العربي الذي نتغنى بحسناته اليوم يبنى عموماً بشكل مغلق تماماً على الخارج ومفتوح على الداخل. تدخله من باب صغير وقد تضطر للانحناء لتجد نفسك في فسحة واسعة مفتوحة على السماء. وجميع غرفه تنفتح على هذه الفسحة الداخلية التي تمد هذه الغرف بالضوء والهواء. فما الذي تعكسه هذه البنية وتشير إليه في نفسية ساكنه؟
الاستنتاج الأول: هو الانغلاق على الذات والانطواء.
الاستنتاج الثاني: هو الخوف من الآخر وعدم الشعور بالأمن تجاهه.
الاستنتاج الثالث: عدم الرغبة في الحوار مع الآخر. والنظر إلى الآخر على أنه غريب ومرفوض.
الاستنتاج الرابع: عدم الثقة بالنفس وعدم الرغبة في التطور والتجديد.
ومن هنا كان الاستنتاج المنطقي لتاريخ هذا "البيت العربي" أنه نتاج عصر الانحطاط حيث التخلف وانعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس اضافة لعدم الثقة بالآخر.
هذا ما يمثله البيت العربي في حقيقته التي نفاخر بها ونباهي بجمالياته. فرائحة الطعام المطهو تعشش في زواياه والهواء لا يتجدد إلا بالحدود الدنيا ويخلق جواً من الخمول والثبات وعدم الحركة. وأشياء كثيرة لا يتسع لها المقام هنا.
كذلك هو الحجاب. وهو ما تعنيه اللفظة لغة وحرفياً. فالحجاب هو حاجز بين صاحبه والآخر. وهو مؤشر على الثبات وعدم الرغبة في التواجد مع الآخر. كما هو حالة انطواء على النفس وانغلاق على الذات.
حجاب المرأة، إذاً لا علاقة له بالدين، إذ لا يوجد نص بالحجاب. بل هو ثقافة موروثة من عصر يأبى أن يفارق عقول الكثيرين منا. وهو في النهاية سلاح ضد أي تغيير أو تطوير. إنه سلاح الماضي الساكن في سجن الحاضر والمستقبل في قمقمه.