كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في أسئلة الخطاب القومي (بين مكي و حبش)

مروان حبش- فينكس
لقد طرح الدكتور يوسف مكي على صفحته بالفيسبوك أفكاراً بناءة ومهمة جداً في مقالته (في أسئلة الخطاب القومي) وأكد: ( أن قانون الوحدة هو التفاعل والتكامل وليس التماثل الذي هو عاملٌ مساعدٌ لقيام وحدات سياسية واقتصادية. كما ألمح إلى مبدءٍ هام جداً، هو أن الاندماج يعفي الدولة القطرية من مهامها التاريخية، ويقدم المبررات لتقصيرها في أداء مهامها، وحسب الواقع الحالي يبين عدم إمكانية تجاوز الدولة القطرية، ولا هويتها الجامعة، وعليها أن تنهض كدولة مستقلة بمجتمعاتها على كافة الأصعدة. ويرى أن الوحدة العربية ضمن هذا السياق تأتي تلبية للمصالح الوطنية ولمتطلبات النهوض بالمجتمعات العربية.).

لفد أكد المشروع النظري للتيار القومي الذي طرحته في شباط 2006 مجموعة من الشخصيات السياسية القومية، أنه في الوقت الذي تعيش فيه الحركة القومية العربية أزمتها، والفكر القومي العربي خبا تأثيره، تعيش السلطة القطرية في الوطن العربي مأزقاً خانقاً ينذر بكوارث اجتماعية كبيرة.
ويجب التأكيد أن أزمة السلطة القطرية لا يعود إلى أخطاء في الحركة القومية العربية كما يدعي أعداء الفكرة القومية. ذلك أن أغلب السلط القطرية هي سلط لا علاقة لها بالمشروع القومي العربي، ويمكن أن نحدد أهم ملامح مأزق السلطة القطرية بما هو آتٍ:
إن جميع السلطات العربية تكونت بالأصل في تناقض مع الأمة، وبالتالي أنيط بالسلط أن تشكل دولاً، ولم تأت السلط ثمرة الحياة الداخلية للدول ، وكان من الصعب أن تنشأ السلطات في تطابق مع الأمة ، وألقت هذه الواقعة بظلها على مسألة هوية الانتماء إلى "الدولة- السلطة" فلم تستطع السلطة أن تخلق دولة الأمة.
ولما كانت دولة السلطة هي سلطة فحسب، ولما كانت السلطة ليست ثمرة عقد اجتماعي، فإن الطريقة المثلى لاستمرار السلطة هو القضاء على السياسة في المجتمع، والقضاء، أيضا، على كل أشكال المجتمع المدني، وبالتالي، جرت عملية قمع تاريخية شديدة.
و إن المأزق الأخطر والأعقد والأعمق للسلطة في الوطن العربي هو التناقض بين التطور الموضوعي والعفوي والإرادي أحياناً للمجتمع بفعل قوانين المجتمع الداخلية وحاجات السكان والعلاقة مع العالم، وبين بنية السلطة الثابتة، تتعين عوائق تحقيق الوحدة بعوامل تحققها، فهناك عاملان ضروريان لتحقيق الوحدة:
1 - المصلحة.
2- الوعي بالهوية العربية.
وهذان العاملان مترابطان ترابطاً صميمياً، لا يمكن لأحدهما أن يحقق الوحدة إذا ما توافر بمفرده.
وهذا يعني أن أول شرط من شروط تحقيق الوحدة هو تغيير بنية دولة السلطة إلى سلطة دولة معبرة عن مصالح الكل الاجتماعي، أي سلطة ديمقراطية ناتجة عن مجتمع ديمقراطي.
واستناداً إلى شروط الواقع العربي فإن الوحدة لن تتحقق دفعة واحدة، بل لابد و أن تمر بمراحل متعددة وقد يشهد الوطن العربي قيام وحدات كثيرة.
تتحدد آلية تحقق الوحدة، إذا ما توافرت الشروط الضرورية، بـ:
أولاً: لابد من الاتصال الجغرافي بين أي قطرين أو أكثر ينزعان نحو التوحد.
ثانياً: إن التوحيد الاقتصادي أول آلية لقيام دولة الوحدة العربية الكلية، أو
الوحدة بوصفها حلقة وسيطة. وهذا يعبر عن شرط المصلحة المشتركة للسكان: عملة واحدة، حرية حركة العمال، حرية التجارة، الوحدة الجمركية إلخ...
ثالثاً: يجب الحيلولة دون ظهور أي إحساس بالغبن لدى أي طرف من أطراف الوحدة وذلك حين يكتمل الجانب السياسي من الوحدة، فالمساواة السياسية وأخذ بعض الشروط التاريخية لقيام دول السلط من حيث الصغر والكبر، وما ولدته من أنماط شعور بالخوف، كلها، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في مرحلة آلية تحقق الوحدة بالمعنيين المشار إليهما.
رابعاً: إن أكثر أنماط الدول ملائمة لدولة الوحدة هي الدولة الفدرالية، ذلك لأن تاريخاً من الانقطاع لا يمكن أن نحوله إلى حالة تواصل في لحظة قليلة من الزمن، دون أن يصادر ذلك إمكانية أنماط أخرى، يخلقها الواقع ويتبناها المجتمع العربي بكل ديمقراطية.
وعلى الدولة القطرية أن تؤسس نظاماً ديمقراطياً تعددياً تداولياً يوفر لمواطنيها الحرية والكرامة والتنمية الجامعة ويحقق تكاملا بين الأقطار العربية من شأنه أن يوجد كياناً عربياً قويا، ودولة تتوافق مع هويتها القومية الجامعة 
للوصول إلى لوحدة العربية.