كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الطاغية في التاريخ

مروان حبش- فينكس

الطاغية ذئب مفترس يلتهم لحوم البشر، كما وصفه أفلاطون.
وأسوأ أنواع الحكام وأشدهم خطورة، لأنه يدمر روح الإنسان، كما قال عنه أرسطو.
ويبدأ الطغيان عندما تنتهي سلطة القانون، وليس للطغيان صورة واحدة... فمتى استُغلت السلطة لإرهاق الشعب وإفقاره تحولت إلى طغيان، أياً كانت صورته، حسب جون لوك.
وقد يلجأ الطاغية في طغيانه إلى اتخاذ القوانين والشرائع ستراً يتستر به، فيتمكن مما يطمح إليه من الجور والظلم، والفتك برعيته، وهضم حقوقها، وقد يكيف فظائعه بقالب العدل فيكون أشر الطغاة وأشدهم بطشاً بمن تناولتهم سلطته، كما قال بطرس البستاني.
يعتمد الطاغية المستبد لاستمراره في الحكم على ثلاثية:
تأميم القوة (العسكرية والدينية) لاستخدامها في ممارسة الإرهاب.
تعميم الفساد والانتخابات المزورة، لكسب الموالين.
رهن إرادة الوطن، لتأمين مصالح الآخرين.
ورغم وجود قانون في الدولة تبقى إرادته فوق القانون، ولا توجد حقوق مقدسة تستطيع الوقوف أمام إرادته، كما أن التقاليد والسوابق لا تجدي نفعاً إلا إذا كانت مستمدة من أمر سابق له، ويُجبَرُ الشعب على الاعتقاد بأنه طيف خيال ممتع جذاب، تحيط به سُدُمُ الأساطير والأوهام، يتمتع بقواعد النبل وكريم السجايا، وبأن قراراته وأحكامه "وهو صاحب السطات جميعها" إنما يوحيها إليه الإله، وكل خروج على ذلك يُعد خروجاً على إرادة الإله. ويعهد بشؤون الحكم إلى لجان غير جديرة وفاسدة ولا علاقة لها بما يعانيه الشعب، ومثلهم يكون مستشاراً له في مهام الدولة الحيوية.
حين تكون للمستبد السلطة المطلقة، فكلمة تصدر من فمه كافية لإعدام من يشاء من غير محاكمة ولا بيان للأسباب، وفي بعض الأحيان يمنح للزوجة هذا الحق القائم على النزوات والأهواء، ولا يجرؤ أحد على الانتقاد أو اللوم، لأن الرأي العام يكون ضعيفاً عاجزا، عجزٌ مصدره الخوف والحذر.
تروي الحكاية عن الملك قمبيز، أحد الطغاة من ملوك الفرس: (بأن ما كان يفعله، الذي يرى الملك يقتل ابنه البريء أمام عينيه رمياً بالسهام، أن يثني على مهارة الملك العظيمة في الرماية. كما أن المذنبين، الذين تلهب السياط أجسادهم بأمره، يشكرون له تفضله بأنه لم يغفل عن ذكرهم).