أحد أسباب حزننا على حاتم علي
2024.01.13
ديما مصطفى سكران
نادين سلامة، التي قامت بمشاهد القبلة في مسلسل شوارع شيكاغو، والتي يبحث عنها المراهقون ليثيروا جانبهم الحيواني، هي ذاتها نادين سلامة التي حركت فينا أرقى أنواع المشاعر وأبكتنا تعاطفا وتأثرا، في دور "خضرة" في التغريبة الفلسطينية.
حاتم علي، مخرج التغريبة، أخرج من نادين سلامة أفضل ما عندها كممثلة، وجعلها تقوم بعمل تفخر فيه أمام أبنائها.
محمد عبد العزيز مخرج شارع شيكاغو، أجبرها بطريقة لا إنسانية، على القيام بمشاهد تُشعرها بالعار، حتى أنها خرجت في إحدى المقابلات تتحدث بمرارة وألم عن هذه التجربة، التي تمت مساومتها فيها على لقمة عيشها، والتي تتمنى لو تستطيع محوها من ذاكرتها وذاكرة عائلتها وذاكرة الناس!
تيم حسن، الذي تحول منذ عدة سنوات إلى نسخة حية من الدمية الرجولية كين صديق باربي، والذي تتتابع أمامه ملكات جمال معدلات تجميليا، لا طعم ولا لون لحضورهن، في أعمال تهبط بالفكر العربي إلى قيعان موحلة، هو ذاته تيم حسن الذي كان راوي التغريبة الفلسطينية، في دور "علي الشيخ يونس"، والذي حمل قضية نبيلة، ومثل شخصية إنسانية مركبة وذكية وعميقة.
باسل خياط، الموهبة الفذة، الذي هدرت نفسها مرارا في أعمال فارغة مطولة غريبة عن ثقافتنا، قُدم فيها الحب بصورة مشوهة، وطُبّع فيها مع الإباحية، ومع المثلية، هو ذاته باسل خياط في دور "حسن الشيخ يونس" في التغريبة، الذي حمل السلاح في وجه المحتل، وعاش قصة حب بروح شهمة، وفسر للمشاهدين معنى النضال من أجل الأرض والإنسان.
نسرين طافش، الصبية الطائشة التافهة في مسلسلات كصبايا وغيرها، والتي تقوم فيها بالاستعراض أكثر مما تقوم بالتمثيل، هي ذاتها "جميلة"، التي كانت في التغريبة عنوانا لقضايا المرأة وآلامها الحقيقية في المجتمع.
والأمثلة لا تنتهي. إنهم الممثلون ذاتهم في كل مرة، والفرق فقط بين مخرج كحاتم علي يُخرج منهم أفضل ما فيهم، ويجعلهم فخورين بأنفسهم، ويصنع منهم أيقونات إنسانية، تؤثر في ضمائر الناس.. وبين مخرجين تجار، يعبدون المال، ويخاطبون الغرائز، ويحولون الممثلين إلى أراجوزات مصبوغة بالعار، ومسلوبة الإرادة والقضية والكرامة!
هل عرفتم لماذا كل هذا الحزن على رحيل حاتم علي؟