موقف السوفييت من الحشود التركية عام 1957
2025.04.22
علي سليمان يونس
في عام 1957م، كان موقف (الاتحاد السوفيتي) من الحشود التركية على الحدود السورية أقوى من أي موقف عربي وأجنبي آخر باستثناء مصر (حيث أرسلت كتيبة مغاوير إلى حلب للمساهمة مع الجيش العربي السوري في صد العدوان التركي)....
وفي هذا الإطار فقد بعث رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي "بولغانين" في 11/ 9 /1957 برسالة إلى رئيس وزراء تركيا "عدنان مندريس" بشأن التوتر في الشرقين الأدنى والأوسط الذي نجم عن التدخل المبيّت من الولايات المتحدة وتركيا ضد سوريا.
وفي 30/ 9 /1957 م بعث مندريس رسالة جوابية إلى بولغانين. وبتاريخ 22/ 11/1957 م، رد رئيس الوزراء السوفييتي بمذكرة رسمية شديدة اللهجة موجهة إلى تركيا ومن أهم ما جاء فيها:
" إن سياسة تركيا الموجهة ضد سوريا إنما هي لعب بالنار، وإن تركيا بذلك تغامر على سلامتها ومصيرها". وأكدت المذكرة: "إن أي حرب تقوم بسبب عدوانها على سوريا لا يمكن ان تبقى حربا موضعية". وأخذت المذكرة على الحكومة التركية استجابتها للأغراض الاستعمارية في الشرق الأوسط. وبينت المذكرة "أن الوقائع الجديدة تشهد على وجود حشود عسكرية ضد الدولة السورية المحبة للسلام بقصد حرمانها استقلالها الوطني وفرض إرادة بعض الدول الأجنبية عليها. كما أن أحداً لم يكذب حشد الجيوش والقوات البحرية الأجنبية على حدود سوريا، ذلك الحشد الخطر من حيث طابعه بالذات ومن حيث اتساعه، ولقد كُشف النقاب عن وجود خطة عمليات ضد سورية مع تعيين مواعيد احتلال بعض الوحدات للمدن والأماكن الآهلة في سورية. وافتضح في هذا الأمر كل الافتضاح دور الولايات المتحدة التي لم تكن تقتصر على دفع بعض الدول سراً إلى عدوان على سوريا بل لم تتورع بالتشجيع جهاراً على هذا العدوان". وبينت المذكرة:
" إن هذه الوقائع تناقض التأكيدات التي قطعتها تركيا باحترام استقلال سوريا وسلامة كيانها الإقليمي". وأوضحت المذكرة السوفييتية كيف خان حكام تركيا تعاليم أتاتورك وقواعد سياسته، ونصحتهم بأن يعيدوا النظر في سياستهم لتحسين علاقتهم مع الاتحاد السوفييتي وتخفيف حدة التوتر في الشرق الأوسط...
وللأمانة التاريخية لم يكتفِ القادة السوفييت بإرسال هذه المذكرة الشديدة اللهجة، وإنما أجروا على الأرض الروسية المتاخمة لتركيا مناورات عسكريه بقوام عدة جيوش ميدانيه بلغ تعدادها ما يقارب نصف مليون جندي.. كما قام المارشال "جوكوف" وزير الدفاع السوفيتي بتعيين مارشال الاتحاد السوفيتي "روكوسوفسكي" في منصب قائد قوات المنطقة العسكرية القفقازية وهي الجبهة المتاخمة للحدود التركية وهذه رسالة غير مباشرة للقادة الأتراك بأن السوفييت جادون في العملية إلى أقصى مدى.. وأيقن الأتراك أنهم إذا استمروا في هذه اللعبة فإنهم يغامرون بمصيرهم.. ولذلك شرعوا بتخفيف الحشود عن الحدود السورية تدريجياً.
*وقادمات الأيام ستكون أصعب إذا بقيت العقول مغيبة وعاجزة..