السويداء: من الأهل الى الأهل والدم رابط بيننا
2023.02.12
فينكس-السويداء- معين حمد العماطوري:
حين تقع حروب من صنع الانسان، تتضارب الآراء بين مؤيد ومعارض للدولة الخاسرة أو الرابحة، وذلك لأسباب سياسية أو اقتصادية أو خلافية في الموقف والمبدأ.
ولكن حينما تكون كارثة طبيعية من صنع الله ولا طاقة للانسان على ايقافها أو استمرارها، لابد للشعور الانساني أن يقف مع الجهة المصابة مهما كان الخلاف قائماً، وبالتالي الانسانية والأخلاق والقيم تفرض نفسها بالوقوف الى جانب الانسان...
ما حدث في سورية أمس من خلال الزلزال و أثره التدميري على الحجر والبشر كشف حقيقة مكامن الانسانية والأخلاق والقيم، إذ لا يمكن نكران المواقف النبيلة لبعض الدول العربية والحليفة والصديقة من خلال إعلانها المساعدات الانسانية والاغاثية الى جانب المنظمات الدولية والصحية.
ولكن الكارثة كشفت تموضع بعض الدول التي تدعي حماية حقوق الانسان وحرصها على الشعوب و أثبتت تلك الدول وخاصة الغربية و أمريكا تحديداً أن لا مشكلة لديها أن يدمر العالم سواء بحروبها المفتعلة وسرقتها لثروات الشعوب أو بالكوارث الطبيعية الغاية تحقيق مآربها القذرة، كي تبقى هي لأن دماءها وفكرها صهيوني بامتياز و أفعالها شيطانية دون منازع... وهذا يتطلب من المجتمع الدولي ان يقف الى جانب الانسانية والانسان السوري خاصة ويطالبوا برفع الحصار عنه.
إذ كفى ما أردتم من تدمير يا أتباع الشيطان...
ومن السويداء كان رد الفعل واضحاً إذ ما أن سمع آهالي السويداء بكارثة الزلزال في وطننا حتى انبرى العديد من الفعاليات بالتبرع سواء بالمواد الغذائية أو الطبية، ومن لم يستطع التبرع ذهب متطوعاً للعمل في حقل الاغاثة، والعديد من الفئات العمرية زحفت لبنك الدم بالسويداء للتبرع بالدم مجسدين أهزوجة الأهل والأجداد مؤكدين حضورها حين الطلب / بالدم نفدي وطنا/، إضافة للعديد من الجمعيات الأهلية وغرف تجارية وصناعية ومجتمع أهلي ومحلي والهيئات الدينية على تنوع أطيافها معبرين عن أسفهم بحيث سيروا قافلات لمدة أربعة أيام كل يوم إلى محافظة من المحافظات المنكوبة محملة بالمساعدات الانسانية والصحية والغذائية.
حيث أكد رافع مقلد امين سر مجلس محافظة السويداء ان النخوة التي تميز بها أهلنا في السويداء كانت مذهلة، إذ لم تبق قرية أو تجمع أهلي أو فعالية أهلية إلّا وساهمت في تقديم المساعدات، وقد رافقنا مع عدد من أعضاء مجلس المحافظة والمكتب التنفيذي قافلات المساعدات المقدمة من آهالي السويداء الى اخوتهم في حلب وحماه واللاذقية و إدلب تعبيراً عن عمق العلاقة الوطنية والانتمائية والربط بين الجغرافيا والتاريخ و أنهم لم يبخلوا يوما بمساعدتنا حينما تعرض جبلنا لهجوم داعش في الخامس والعشرين من تموز، وهو دليل أن الوفاء سمة من سمات الشعب السوري سواء بالسويداء أو في جميع المحافظات السورية. وهذا أقل واجب انساني و أخلاقي اتجاه السوري لأخيه السوري.
و أشار الدكتور طارق الجمال مدير صحة السويداء منذ بدء انتشار خبر الكارثة استنفر قسم بنك الدم فكان هناك الكثير من الجنود المجهولين الذين جاؤوا للتبرع بالدم لصالح اهلنا في المحافظات المنكوبة جاعلين دمع العين يسبق رجفة القلب، وذلك حينما أتى رجال ونساء مسنون وشيوخ أتقياء و شباب وشابات يصرون على التبرع، إذ لا قدرة لهم للتبرع بالمال أو بعينات نقدية وما يملكونه هو الدم وهم يتبرعون به حباً بالمساهمة وشعورا بالواجب الوطني يقيناً ان تراث الأهل حاضر حينما كانوا يرددون /بالدم نفدي وطنا/.
ونوه الدكتور عدنان مقلد رئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان بالسويداء ان هناك بعض المرضى أصروا على تقديم المساعدات إضافة لمجلس إدارة الجمعية ورغم ما تتعرض له الجمعية من شح في الموارد إلا انها قدمت حوالي ثلاثة ملايين ليرة سورية لأهلنا لأن ذلك يعتبر واجباً وهم يستحقون من اخوتهم السوريين العون والمساعدة.
الأب فادي زيادة الياس زيادة" الراهب الكبوشي من رهبان مار فرنسيس، ورئيس دير وكنيسة يسوع الملك للآباء الكبوشيين بالسويداء، أشار بقوله حقا ليس بالخبز وحده يحيا الانسان، قالها يسوع الحق وها نحن في السويداء بأطيافها المتنوعة نقولها من خلال التبرعات النقدية والعينية ان المحبة رسالتنا والتعاون سمة من سمات أهلنا في المحافظات وما حدث لأخوتنا أدمى القلوب والأعين إذ ليس لنا إلا أن نقف مساندين مساعدين بما نستطيع وما وهبنا الرب لنكون العون لهم والمساعدة للخروج من محنتهم.
أخيراً الرحمة لمن فقد الحياة تحت ركام و أنقاض الحجر والشفاء العاجل للجرحى، والشكر لمن حركت فيه مشاعر الانسانية والقيم وقدم ما استطاع اليه سبيلا...
وليعلم الجميع ان سورية بشعبها ستنهض مهما طالت عليها ظلمة الليل الداكن ويبقى نور ابداعها نهضة تنموية بعقل وخبرة ابناءها...