في ظل موجة الغلاء اللجوء الى القروض والعمل الإضافي كحلول إسعافية
2022.09.01
في ظل موجة الغلاء ومع موسم المدارس وتجهيز المؤونة..
طقوس تغيرت وتقلصت واللجوء الى القروض والعمل الإضافي كحلول إسعافية
فادية مجد- فينكس:
مع الغلاء الذي عم كل شيء، بدءاً من تكاليف إعداد طبخة بشكل يومي، والتي باتت ترهق كاهل رب الأسرة، وليس انتهاء بمؤونة الشتاء والتي يتصدرها المكدوس، ومايرافقها خلال هذه الفترة من تجهيزات لموسم المدارس وماتتطلبه من ملابس وأحذية وحقائب وقرطاسية
غلاء كوى جيوبنا
ترى كيف يتدبر مواطنو طرطوس أمورهم؟ وهل تغيرت عاداتهم وطقوسهم في التحضير للمؤونة وموسم المدارس؟
يقول أبو عبد الله بأسى: "كان الله بعوننا مع غلاء كوى جيوبنا، ودفع أغلبنا للبحث عن عمل آخر حتى يستطيع تدبر أحوال معيشته بالحد الأدنى، فعلى سبيل المثال كيلو البندورة اليوم وسطياً بـ 1500 و الخيار بـ 2000 و البطاطا 2500، أما البقدونس والنعناع فسعر أرخص باقة 500 ليرة، ومع هذه الأسعار المرتفعة تجهيز السلطة وإعدادها لعائلة مكونة من سبعة أفراد يكلف حوالي عشرة آلاف ليرة".
يتابع "أبو عبد الله" بث همومه: "هنا لم نتطرق الى خضار ثانية للطبخ، ولم نذكر اي نوع من اللحوم أو زيت الزيتون والزيوت النباتية والسمون، ولا حتى الخبز الذي كان قوت الجائع واليوم اصبح ثقلاً يضاف الى بقية الاحمال التي أثقلت كاهل المواطن بكل ماتعنيه الكلمة من معنى".
موسم المؤونة والمدارس هي مصدر رعب لرب الأسرة
وأضاف: "وكما تعلمين بأن الأسرة السورية تمر بمواسم كانت في الاأيام الغابرة تنتظرها بشغف وفرح وهي مواسم الأعياد ومواسم المؤونة في الربيع بالنسبة للألبان والأجبان والمربيات بأنواعها، و في آواخر الصيف بالنسبة لأنواع خضار الطبخ والمكدوس وزيت الزيتون ودبس الرمان إضافة للتجهيز للمدارس، والتي اصبحت في وقتنا الحالي مواسم رعب حقيقي لدى رب الأسرة المكسور نفسياً أمام عائلته، قبل أن يكون مكسوراً مادياً، فكيف سوف يتدبر أموره في التجهيز للمؤونة و في حال تم تحضير جزء منها، للأسف الكهرباء كفيلة بتلفها ورميها بسبب التقنين الجائر".
مؤونة المكدوس وتكاليفها الباهظة
بدوره تحدث السيد معين المحمد عن "المكدوس"، فقال: "مؤونتنا من المكدوس ولو بكميات قليلة، لايمكننا الاستغناء عن تحضيرها، فهو يعتبر افطار العائلة الأساسي، وخصوصاً الأطفال، كما يمكن تناوله كوجبة حواضر، وقد وصل سعر كيلو باذنجان المكدوس تقريباًً الى 1500 ليرة، وأقل شيء نجهزه للمؤونة هو كيس 25 كيلو، يعني 34500 ليرة، بدوره ييحتاج الى نصف اسطوانة غاز للسلق، سأحسبها بسعر السوق السوداء اجباري، لأن من استلم اسطوانة الغاز ع 80 يوماً، حتماً ستكون قد انتهت او ستنتهي، ويضطر لشرائها بسعر السوداء ريثما يأتي دوره، وهنا نصف اسطوانة غاز 50000 بأقل تقدير، و إذا حسبنا كيلو جوز بـ45000 وفليفلة بـ10000 وهنا تصبح الحسبة 129500 ليرة، ولم نحسب كمية الزيت ان كانت من زيت الزيتون أو أي زيت أخر... فهل صاحب الدخل المحدود قادر على تأمين تلك المبالغ إن لم يستدن أو يشترك بجمعيات أو يقترض؟!".
ولوازم المدارس أسعارها تحلّق؟!
وعن أسعار ألبسة المدارس أشار الى أن الاسعار في الأسواق كاوية و أغلبها من أسوء الأنواع، وكذلك القرطاسية، وقال: ثلاثة طلاب يحتاجون للباس المدرسي والذي يبدأ بـ 30000 ومافوق مع حذاء يترواح سعره (إن كان حذاء رياضة قماش أم بوط جلد صناعي) بين ٣٥ و٥٠ ألفاً ومافوق، يعني ثلاثة طلاب يحتاجون 240000 ليرة لباس وأحذية .
وبالنسبة للدفاتر فقط، ولن أذكر غيرها كل طالب يحتاج سبعة دفاتر 100 صفحة من أردىء الانواع بسعر 3000 ليرة للدفتر، فيصبح عندنا 63000 ليرة قيمة دفاتر لثلاثة طلاب مع ثلاث حقائب مدرسية بسعر 35000، يعني 105000 ليرة ثمن حقائب، وهنا على ما أظن يجب أن يتوقف العقل وليست الآلة الحاسبة عن الحساب".
أقصى اهتماماتنا التفكير بوجبة الغداء اليومية
أما السيدة عبير فقالت: "مع قدوم شهر بداية العام الدراسي والتحضير لمونة الشتاء تزداد الطلبات علينا، وما يستدعيه ذلك من زيادة في الإنفاق والصرفيات لتامين الاحتياجات الأساسية من قرطاسية متنوعة وملابس وحقائب و أحذية مدرسية، عدا عن مؤنة
الشتاء التي تشمل أصنافاً عديدة، والتي تحتاج الى رواتب أربعة موظفين حتى نتدبر أمرنا بالكاد، ولكن كيف لنا ذلك إذا كانت احتياجاتنا اليومية لاتتناسب مع الدخل الشهري وأتحدث عن نفسي و أنا المعلمة التي أصرف على أسرتي؟".
وتابعت حديثها قائلة : "النفوس تعبت، والضغوط كثرت والمطالب ازدادت بشكل كبير جداً لتلبية أقل الحاجات التي بات من الصعب توفيرها مع الارتفاع الهائل وغير المستقر والذي يتصاعد يومياً وبشكل كبير في الأسعار، الأمر
الذي جعلنا لا نهتم بتوفير احتياجاتنا البعيدة المدى بقدر مانهتم بتوفير احتياجاتنا اليومية والتفكير بإعداد
وجبة الغداء اليومية".
اختصار مواد وإلغاء أخرى من قائمة المؤونة
وعن تحضيرها للمؤونة أكدت أنه تم اختصارها بشكل كبير إلى النصف من كل مادة بغض النظر عن اسمها.
كما تم الاستغناء عن مواد أخرى بشكل كامل تحت حجة (لبعدين بكرى بنشوف)
من جهتها السيدة ريم قالت: "بالنسبة للمكدوس والتي هي مؤونة لانستغني عنها مهما ارتفعت تكاليفها، ومن أجل ذلك نحرص على الاشتراك في جمعيات لتأمين مصاريفه، مع تقليل الكميات التي نقوم بإعدادها حيث قمت بعمل ٢٤ كيلو فقط، فاسعار الباذنجان والزيت غالية، والجوز طبعا لغيناه لتحليق أسعاره، وليبقى اعتمادنا على الفليفلة والتوم في الحشوة.
وأضافت: "وصل سعر كيلو باذنجان المكدوس الحمصي 1000 ليرة والفليفلة الكيلو الجاهز منها إلى 20 ألف ليرة".
واكتفاء البعض بلباس العام الماضي
وأكدت الى أن هذا الشهر "يعتبر من أصعب الشهور اقتصادياً على كافة الأسر السورية من ذوي الدخل المحدود، ولهذا سوف نلغي مونة مواد كثيرة مثل الملوخية والبامياء، أما البرغل فاختصرناه بـ ٢٥
كيلو، وورق العنب (موّنت) بأربعين ألفاً منذ شهرين قبل أن يقسى ورقه لأن أولادي يحبونه، حيث كان سعر الكيلو ٦٠٠٠ ليرة، وقد قمت بدفع ثمنه لبائع في حارتنا على دفعتين.
وبالنسبة للباس المدرسي، لم اشتر لأبنائي وهم ابنتان وصبي، وسوف يرتدون لباس العام الماضي، أما القرطاسية فخلال أيام سنذهب لصالات السورية ونحضرها من هناك علها تكون أرخص ثمنا من السوق".
و أخيراً... هي طقوس تغيرت وتقلصت، بفضل غلاء استشرى، واكتوى بناره أصحاب الدخل المحدود، والذين باتوا مجبرين ولاحول لهم، مع قدوم موسم المدارس والمؤونة، على ضغط النفقات، وتقليل الكميات المجهزة، والتي لاغنى عنها في فصل الشتاء، مع إلغاء خضار كانت تمون في سنوات مضت، ولهذا أصبحت حلولهم الاسعافية لتدبر ذلك، هي الاشتراك بجمعيات أو سحب قروض في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والتي نأمل أن تشهد انفراجات في قريب الأيام، علماً أننا لم نتطرق للأسر المهجّرة أو التي تعيش في منازل مستأجرة، و كيف سيكون حالها؟