كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الرقّة... بَلَدٌ فقير أطفالهُ نهَشَهُمُ التسوّل وأنهكهُمُ الاستغلال...

رشا الجريجب- الرقة- فينكس:

أطفالٌ بِلا مَأوى، بِلا أهل، بِلا بيت، في وطنٍ أنهكتهُ آلةُ الحربِ الظّالمة.. في وطنٍ يحكي الكثيرَ منَ القصصِ والمآسي.. أطفالٌ فقدوا سندَهُم في الحياة، لتكونَ الشّوارعُ عُنواناً لطفولتهم المُعذَّبة المُدمَّرة في زمنٍ كَثُرَت فيهِ صيحاتُ مُنظّماتِ حُقوقِ الإنسان التي ترفعُ شِعاراتٍ كثيرة تحملُ الإنسانيّة، شعارات ( لا للعُنف ضدَّ الأطفال)، (لا لعمالةِ الأطفال)..، ولكن هذا العالم أجمع أصمَّ أُذنيهِ عمّا يحدُث مع أطفالِ "الرقّة المَنكوبة".أطفال فقراء في الرقة

هذا ما رصدتهُ كاميرا جريدة "فينكس" أثناءَ التحرّي عن واقعِ الأطفال في مدينةِ "الرقّة"، المدينة التي تعرّضت لدمارٍ مُمنهجٍ شملَ الحجرَ والبشر، دمارٍ قلَّ نظيرهُ كما يصفهُ مُختصّون في علمِ الهندسة، دمارٌ تمخّضَت عنهُ نتائجُ بسببِ الحربِ الطاحنة في مُحافظة الرقّة منذُ مطلعِها عام /٢٠١٣/ وحتى الآن، كانَ أكبرهُ وأخطرهُ وأصعبهُ ذلكَ الذي لحقَ بفئةِ "الأطفالِ والطفولة" بسببِ مُخرَجاتِ الحُروبِ والمعاركِ التي اجتاحت أرضَها، فأبعدت هؤلاءِ الأطفال عن حياتهِم الطبيعيّة في التعلُّمِ واللهوِ واللعِب، كما أنّ هذهِ المُجرَياتِ الخطيرة أدخلتهُم مُبكراً إلى حياةِ "التسوّل" وسوقِ "العمالة"، وحمّلتهُم هُموماً وأعباءَ أثقلَ وأكبرَ من طاقةِ أعمارهِم وقُدراتهِم، وفتحت أمامَهُم أبوابَاً كثيرةً للشرّ والفسادِ في ظلِّ انحدارِ المُجتمع.
"تسوُّلُ الأطفالِ في الرقّة وعمالتُهُم"
يبدو أنَّ آلةَ الحربِ التي نفّذَت على مُحافظةِ "الرقّة" تركتِ الكثيرَ منَ الآثارِ السلبيّةِ تُجاهَ أطفالِها الذينَ حُرِموا من أبسطِ حُقوقهِم في التعليمِ والحياةِ الكريمة والعيشِ في كنفِ أسرةٍ قادرةٍ على تأمينِ أبسطِ مُقوّماتِ الحياة. ولكنَّ ما نُشاهده اليوم فاقَ التصوّرَ والخيال، فأطفالُ "الرقّة" اليوم أصبحوا عُرضةً لكُلِّ نوازلِ الدهرِ مِن فَقرٍ و تشرُّدٍ وحِرمان، ليكونَ الشارع هوَ المأوى، ومصدرُ الرزقِ الوحيد؛ فالكثيرُ منهُم فقدَ مُعيلَهُ من أبٍ أو أخ في ظلِّ سيطرةِ ما يُسمّى "تنظيم داعش الإرهابيّ" على الرقّة، فأصبحَ اليُتمُ شِعاراً وعُنواناً للكثيرِ من أطفالِ المُحافظة، أو الذينَ نزحوا من مُحافظاتهم إلى الرقة، ناهيكَ عن وجودِ العديدِ منَ الأطفال حديثي الولادة مجهولي الهوية والأصل والنسب في الشوارعِ والجوامع وأمامَ الأبواب، ما كانَ أخطرَ ما أفرزتهُ حربٌ مُختلفةُ الظواهرِ والحوادث وغريبةُ المعالم.
لدى استطلاع جريدة "فينكس" حولَ انتشارِ ظاهرةِ تسوُّلِ الأطفال في مدينةِ "الرقّة"؛ أي في مناطقِ سيطرةِ عصاباتِ "قَسَد" الانفصاليّة المدعومة من قِبَلِ قوّاتِ التحالف "الصهيو أميركي" بدا أنَّ الأمرَ كانَ نِتاجاً خطيراً عنِ الفقرِ المُدقِ، وقلّةِ العملِ التي جعلت أغلبَ الأُسَرِ وأطفالَها يرتادونَ الشوارعَ وحاوياتِ القُمامة، لالتقاطِ ما يسدُّ الرّمقَ، ويُبقي على جُزءٍ منَ الحياةِ في مُحافظةٍ باتت رائحةُ الموتِ تفوحُ من تحتِ أنقاضِها.طفل فقير في الرقة
وفي حديث فينكس يوم الأحد (٢/١/٢٠٢٢م) معَ أحدِ أصحابِ المَحالّ التجاريّة في مُحافظةِ "الرقّة" الكائنِ محلُّهُ في شارع "تل أبيض"؛ وهوَ سوقٌ تجاريّ يرتادهُ أهلُ الرقّة لِشراءِ حاجيّاتهم كافّة، يقول "محمد. خ": "إنَّ الرقّة بلدُ الخيرات، وبلدُ الزراعةِ والنفط، وبلدُ الفقيرِ والغريب، ولكن ما يُشاهَدٌ فيها اليوم في ظلِّ سيطرةِ "قَسَد" مكروهٌ وغيرُ مُحبَّبٍ لأهالي الرقّة، فاليوم يشهدُ شارع (تلّ أبيض) عدداً كبيراً من الأطفالِ الذينَ يدخلونَ إلى المحالّ التجاريّة بقصدِ التسوّل "الشّحاذة"، وفي كلِّ يوم هؤلاءِ الأطفال أنفسهم يأتونَ إلى المحلّ للطلبِ ذاته كما حَفِظوهُ عن ظهرِ قلب، وهوَ (أعطونا من مال الله)، حتى باتَ الأمرُ فظيعاً ومُثيراً للاشمئزاز، كما أنّهُ تشويهٌ لسُمعةِ الكثيرِ منَ الفٌقَراءِ الذينَ أبت عزّةُ أنفُسهِم عن سؤالِ الآخرين". ويُضيف "محمد" أنّهُ ولدى سؤالهِ لكثيرٍ منَ الأطفالِ عن سببِ تسوّلهم أنَّ الكثيرَ منهُم يُجيبُ أنَّ هناكَ أشخاصاً مسؤولينَ عنِ انتشارِهم، كآبائهم، أو مَن فرضَ سيطرتهٌ عليهم، ما يتوجّبُ على كلَّ طفلً إحضارُ مبلغٍ منَ المال بشكلٍ يوميّ وِفقاً للمكانِ المُخصّصِ لهُ للتسوّل.
وقد توجّهت "فينكس" إلى أحدِ الأطفالِ الذينَ صادفتهم، فقد صرّحَ لنا بلهجته: "والدي يموّتني من الضّرب إذا لم أُحضر لهُ مساءً "عشرة آلاف" ليرة سوريّة من "الشحاذة من المكان الذي خصّصهُ لي ولبعض الأطفال، وهوَ شارع (تل أبيض)".
والجدير بالذكر أنَّ حالَ هذا الطفل كحالِ الكثيرينَ منَ الأطفالِ الذينَ تقف وراءَ تسوّلهم أجنداتٌ مختصّة بمثلِ هذا العمل، تحصلُ على المالِ من خلالِ تبنّيهم لهؤلاءِ الأطفالِ الذينَ فَقدوا ذويهم.
"أمثلة حيَّة يرصدُها موقعُ فينكس من رَحِمِ مُعاناةِ الأطفال"أطفال مشردون في الرقة2
أمّا عن" عمالتهم"، فقد رصدَت جريدة "فينكس" مجموعةً منَ الأطفالِ الذينَ لم يبقَ أمامهُم سِوى العملُ في مِهَنٍ وحِرَفٍ لا تُناسبُ أعمارهُم، ولا حالتهُم النفسيّة والعقليّة، لكنَّهُم مُجبَرونَ على ذلك نتيجةَ الأوضاعِ الاقتصاديّةِ المُتردّية، فعَمِلُوا في مِهَنٍ شاقّة وَحِرَفِ مُتعِبة تحتاجُ إلى بنيةٍ جسديّةٍ قويّة لا تتلاءمُ معَ الهيكليّةِ الضّعيفة لجسمِ الطفل, كما أنَّ الأطفالَ في "الرقّةِ" المُسيطَرِ عليها من قِبَلِ "قَسَد" يُعانونَ من مخاطرَ نفسيّة وسوءَ مُعاملة أثناءَ عملهِم، علاوةً على ذلك، فهُم يضطرّونَ لِتحمُّلِ المسؤولية في سنٍّ مُبكِرة، والعيش وِفقَ نمطِ حياةِ الكبار، وبالتّالي فهُم يفقدونَ فُرصَ النموّ والنشأة كحياةِ الأطفالِ الطبيعيّة، فمنهُم مَن يعمل في نقلِ البضائعِ وحملِها، ومنهُم مَن يعمَل في الاختصاصاتِ المُختلفة لصيانةِ السيّارات، ومنهُم مَن يجمعُ الحديدَ منَ الأبنيةِ المُدمّرة، وغير ذلك منَ الأعمالِ الشاقّة والخارجة عن طاقتهم.
الطفل "محمّد" والطفلة "نهى" اليتيمان كما أخبرتنا جارتهُما "أمّ أحمد"، وهيَ من نساءِ "الرقّة"، بتاريخ (٢٧/١٢/٢٠٢١م) أنَّ "محمّد يعمل في استخراجِ الحديدِ من رُكامِ البُيوتِ والمَباني المُدمّرة، فهوَ ينطلقُ منَ الصّباحِ الباكر للبحثِ عن أبنيةٍ مُدمَّرة يستخرجُ منها الحديدَ ليبيعَهُ من أجلِ مُساعدةِ والدتهِ في المصروفِ اليوميّ. أمّا الطفلة "نهى" أخت "محمّد" ذات /١١/عاماً تعمل مع والدتِها وأخوها الصّغير في جمعِ قِطَعِ البلاستيك من مكبّاتِ النفايات لبيعِها وتأمينِ اللباسِ والطّعام".
"نِسبةُ عَمالةِ أطفالِ الرقّة في مَناطقِ سيطرةِ قسد"طفل يتسول في الرقة
وفي سياقِ التحرّي عنِ العمالة أضافَ "مصدرٌ خاصّ" لِفينكس من داخلِ مُحافظةِ "الرقّة" بتاريخ (٣٠/١٢/٢٠٢١م) أنَّ نسبةَ عمالةِ الأطفال هذا العام بلغت وفقَ آخرِ دراسة طفلين من بين كلّ /5/ أطفال، مُقارنةً بنتيجة دراسة العام الماضي، والتي كانت نتيجتُها طفلان من بين كل /6/ أطفال.
ويعودُ ذلك للسببِ الأساس وهوَ غيابُ المُعيلِ، والفَقر، ليضعَ الأطفالُ في مُنحنى العمالة، وتجسّدت أكثرُ صُوَرِها في أطفالِ العوائلِ النازحة إلى المُحافظة.
ختاماً: إنَّ الرقّة المُحتلّة من قِبَلِ عصاباتِ "قَسَد" تعيشُ اليوم حالةً منَ الفوضى، وغياب أجهزة الدّولة ومؤسّساتها الاجتماعيّة والتربويّة والنفسيّة، إذ إنَّ التربية والتعليم هما أساسُ بناءِ الإنسانِ الصّالح، وهذا ما سعت إلى مُحاربتهِ وتدميره "قِوَى الشرّ" التي سيطرت على "الرقّة"، لذا تُعَدُّ ظاهرةُ التسوّل وعمالةُ الأطفال جُزءاً من مُفرزاتِ الحرب اللاإنسانيّة التي عانت منها المُحافظة وماتزال. 
وزارة النقل: نموذج جديد للوحات المركبات في سورية
هطولات مطرية متفاوتة الغزارة أعلاها 101 مم في حمام واصل بريف طرطوس
التعليم العالي تصدر نتائج مفاضلة فرز طلاب السنة التحضيرية للكليات الطبية
سبل العيش يفتتح بازاره الخيري بمشاريع عمل لذوي الهمم
التعليم العالي تصدر نتائج الاختبارات المعيارية لمفاضلات القبول الجامعي
مطابع القطاع العام تنجز 16 مليوناً و400 ألف كتاب للعام الدراسي الجديد
وضع بئر صدد 7 الغازية بالإنتاج بعد انتهاء عمليات إصلاحه
المصرف التجاري: 52 محطة وقود حكومية تتيح دفع ثمن المحروقات إلكترونياً
التربية تسمح للطلاب النظاميين في الصف الثالث الثانوي بتغيير دراستهم بين الفرعين العلمي والأدبي
وزارة النفط: 25 الجاري موعد بدء التسجيل على مازوت التدفئة
السورية للطيران: رحلة ثالثة إلى القاهرة أسبوعياً ورحلة منتظمة كل يوم جمعة إلى القامشلي
وزير التربية وبحضور محافظ ريف دمشق يفتتح ثانوية التل للبنين بعد ترميمها
اللاذقية.. السيطرة على 95 بالمئة من حريق الأراضي الحراجية بالريف الشمالي
حل النزاعات مهمة أصحاب الضمائر
حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 79 لاستقلال إندونيسيا