أحمد رفعت يوسف.. قامة من سلحب

في سلحب لا تُولد القامات اعتباطاً بل تُصاغ كما تُصاغ الحجارة الكريمة في قلب الجبال ومن بين تلك القامات يسطع اسم الإعلامي أحمد رفعت يوسف مواليد ١٩٥٩ رجلٌ جعل من الكلمة وطناً ومن القلم جسر عبور نحو الحقيقة.
إعلامي وكاتب سياسي مستقل حمل رسالته بإيمانٍ لا يلين فكان صدى المجتمع المدني ونبضه ومديراً للأخبار في الإذاعة والتلفزيون أربع سنوات وصوتاً للصحافة العربية في صحفٍ ومجلات متعددة تنقّل بين المنابر الفكرية والإعلامية فكتب في مراكز أبحاث وصحف عربية وأصدر مجلة أوروبا والعرب لستة أعوام ثم قاد مجلة سورية والعالم بخمس سنوات من الرؤية والعطاء وتولى رئاسة تحرير مجلة النقل التابعة لوزارة النقل السورية.
هو ابن التجربة الواسعة تعلّم وتدرّب بين الصين وراديو فرنسا الدولي وارتاد عشرين دولة بزيارات إعلامية جعلت نظرته أرحب وأعمق.
لم يكتفِ بنقل الخبر بل حمل عبء غرس الكلمة في عقول الأجيال، فأصبح أستاذاً محاضراً في كلية الإعلام بجامعة دمشق، يلهم طلبته بحكاية الإعلام كرسالة لا كمهنة.
واليوم يواصل المسيرة من دمشق مديراً للمكتب الإعلامي في مركز الحوار والسلم الأهلي شاهداً على أن سلحب تُنبت رجال الفكر كما تُنبت أشجارها الباسقة، وأن الأسماء الكبيرة لا يحدّها مكان بل تمتد جذورها حيثما يصل صوتها.
صدى سلحب

بقلم ابراهيم منصور

*****
فعقب أ. أحمد رفعت يوسف:
 أنا من سلحب.. وأفتخر
******************
مع بدء صباحي اليوم، مع فنجان قهوتي، وصوت فيروز، التي استبدلتها بكل قنوات الأخبار، والمسلسلات، والنقاشات، التي أصبحت غريبة عني، وأنا الإعلامي، المهووس بالأخبار والسياسة، كان أول ما ظهر على صفحتي في الفيسبوك، ما كتبه الصديق ابراهيم منصور وقد قدّمني على صفحة صدى سلحب ضمن سلسلته التوثيقية، تحت عنوان (قامات سلحب) فكانت بداية ليوم جميل، تجعلني أتقدم بالشكر الجزيل، للصديق إبراهيم، على مبادرته الكريمة، وتقديمه الموفق، والذي يدل على روح حيوية ومبادِرَة، وقلم جميل، وهدف نبيل.
هذه المبادرة، دفعتني ليس فقط لتقديم الشكر والامتنان عليها، وإنما لأنفذ ما يدور في ذهني منذ فترة طويلة، لأكتب عن مدينتنا الصغيرة، لأن فيها ما يستحق، بأن نفتخر كل الفخر، بأننا ننتمي لها، ولمجتمعها الحيوي، والمنفتح والراقي.
هذه الرغبة لم تأت من فراغ، وإنما راكمتها، ما قدمته مدينتنا وأهلنا، على مدى سنوات طويلة، من تكافل اجتماعي، وإنجازات، ومبادرات، وبطولات، وتفوق لشبابها في كافة الميادين، وآخر دليل على ذلك، فزعة الرجولة والشهامة، التي قام بها شبابها، مع شباب قرى المنطقة، لإطفاء النيران، التي أرادت الايادي الآثمة، ارهابنا بها، فكانوا بصلابة أشجار السنديان، وبقداسة التين والزيتون.
كما أفتخر كل الفخر، وأنا أسمع وأرى، ما قدمته هذه المدينة الصغيرة، من حملة الشهادات الأكاديمية العالية، والأطباء، والمهندسين، والحقوقيين، والإعلاميين، وأساتذة الجامعات، والموسيقيين، والفنانين، وفي العلوم الحديثة، والذكاء الصناعي، وما قدمه أبطال الرياضة، والشطرنج، للوطن، من ميداليات عربية وعالمية، وبما يتفوق، على ما تقدمه دول.
كما أفتخر، بأن مجتمعنا، يقدم نموذجاً في القيم التربوية، والعادات والتقاليد، فهو الأقل في تعدد الزوجات والطلاق، والأقل في نسبة الجريمة، والقضايا الجنائية، ويكاد يخلو من المشاكل الأخلاقية، مثل اللواط، والاغتصاب، والمخدرات، ومحاكمها مختصة بقضايا عادية جداً، تقع في أدنى مراتب القضايا الجنائية والقضائية.
بالتأكيد هذه الإنجازات، والتفوق والتكافل الاجتماعي، لا تأتي من فراغ، وإنما تقف وراءها، منظومة من القيم الأخلاقية، والتربوية، والاجتماعية، التي تربينا عليها، حتى أصبحت تطلق على سلحب، توصيفات نبيلة، مثل (ام الفقير) و (بلد الابطال) و (بلد أهل الخير) وهذا ما جعل اسمها، علامة فارقة، ويحترم لمجرد ذكره.
قد يقول بعض من يقرأ كلماتي، بأنني ربما أبالغ، أو أقدم مجتمعاً مثالياً، ونموذجياً، وخالٍ من المشاكل.. وبالتأكيد ليس هذا هدفي، وأدرك أن في كل مجتمع في العالم، العديد من الإشكالات والمشاكل، التي تكبر وتصغر، بحسب ما يحمل من قيم وعادات، لكن ما يوجد في مجتمعنا، هو الأفضل، حتى على مستوى المجتمعات في العالم، وهذه المعلومات والحقائق، لا يمكن معرفتها، إلا من خلال معرفة المجتمعات الأخرى، سواء في بلدنا العزيز سورية، أو في العالم، ومقارنتها بما لدينا، ورأيي هذا، جاء بعدما زرت كل سورية، وأكثر من عشرين بلد في العالم، وعرفت وعايشت، مختلف المجتمعات.
كما أدرك أن الأزمة اللعينة، التي مرت على بلدنا العزيز، واستشراس الفساد، والإفساد، وسوء الإدارة، على مدى سنوات طويلة، أضرت كثيراً بمجتمعنا الصغير، وبكل المجتمع السوري، وأدخلت علينا حالات وأمراض اجتماعية، لم تكن موجودة سابقاً، إضافة إلى أن الفطرة البشرية، فيها من القيم السلبية، كما الإيجابية، لكن الأمور تؤخذ بقواعدها العامة، وليس بالحالات الفردية والعادية، وأعرف بأن الشجرة الأصيلة، قد تمرض، لكن تجذرها ومناعتها، تجعلها تعالج نفسها بنفسها، مع زوال أسباب المرض.
وهنا أؤكد، بأنني أكتب هذا الكلام، لأعطي أهلنا وبلدتنا، شيئا من حقهم، لكنني أكتب بشكل خاص، لجيل الشباب، لكي يعرفوا أين هم، وإلى أي مجتمع ينتمون، وأي قيم نبيلة يحملونها، وهذا يحملهم أمانة الحفاظ عليها، خاصة وأننا أمام تحد صعب، ولنجعل من الأزمة فرصة، نكتشف بها، ما نعاني منه، ونعيد تهيئة أنفسنا، لنرتقي أكثر وأكثر، بمجتمعنا وعاداتنا.
شكرا للصديق ابراهيم.. وأنا من سلحب وأفتخر..