بوح صريح (من محمد الأحمد عن نزار نيّوف)

د. محمد الأحمد

 بوح صريح
لأول مرة أبوح بعمق في موضوع شخص مسكين مريض، لكنه مشبوه.
لقد وضعني القدر أمام نزار نيوف بعد أن أجريت لقاء على البي بي سي، فأخذ رقمي من موسى العمر، واتصل بي يعزمني على العشاء، ولبينا الدعوة موسى العمر وأنا والمحامي بسام طبلية. وبالأصل كنت متعاطفاً ولا زلت مع نزار بسبب سجنه وحجم التعذيب الذي مورس بحقه في أقبية الأمن، واعتبرت لقائي به وربما أي تعاون ربما يأتي في سياق العمل الوطني.
زرت نزار في بيته عدة مرات، بعضها كان يتم من مكان عملي المسائي في مطعم داماسكو بيت في شارع بريكلين، وكنت مرة أتيت منهكاً للغاية، فبت عنده في البيت بعد إصرار السيدة انتصار زوجته وأشهد أنها اخت كريمة من منبت نبيل.
لكن نزار كان يفاجئني بأسئلة غريبة، فيقوم بفتح غوغل ايرث ويبدأ بالسؤال عن مواقع عسكرية للجيش السوري، لا علاقة لها أصلاً بالثورة ولا بقضية نضال السوريين ضد نظام القهر والاستبداد، وبرغم معرفتي بأغلب هذه المواقع كنت أنفي أية معرفة أو أموّه وأغيّر الحديث.
كان بهجت سليمان يقوم بتشويه صورة نزار نيوف دوماً عبر الادعاء أن زوجته إسرائيلية، ولقد كتبت مقالة هجوت فيه بهجت بسبب كذبه، وقلت فيه انني تعرفت على السيدة انتصار يعقوب، وهي أردنية الجنسية مسيحية الديانة ومن أحسن الناس.
لكنني في الوقت نفسه أبلغت العماد آصف شوكت عن أسئلة نزار عن المواقع العسكرية للجيش السوري، وكلها مواقع حساسة دفع الشعب والدولة دم قلبه لإنشائها، فلقد دخل الشك في قلبي تجاه نزار وتكراره لهذه الأسئلة. وللعلم العماد آصف شوكت كان صديقاً لأسرتنا وأعرفه جيداً.. وبعد هذا بأسابيع قتل هو وخلية الأزمة التي كانت تخطط لإزاحة الصبي الذي كان يحكم البلاد و يدمّرها.
إذا كان هذا قد وصلك يا نزار عن طريق من تخابرهم أنت ومصادر معلوماتك فهو صحيح. وابحث عن جدار دق رأسك فيه لأن الجيش السوري وإمكاناته ملك الشعب السوري، وكل هذا حصل عام 2011م..
ولم أكن وقتها أعتبر نفسي ثائراً على النظام، بل كنت جزءاً من فريق كبير لو قيض له النجاح في مساعيه لأنقذ البلاد والعباد، وجلّنا كان من داخل النظام ومن أبناء النظام.
أيها القارىء العزيز
لقد كان والدي في السلطة يوماً ما، وأنا بحكم هذه الحقيقة عرفت وأعرف شخصيات من كبار رجال الدولة و الجيش والأمن وهم بالعشرات بل أكثر.
إن رجلاً مثلي يطالب بشار الأسد على وسائل الإعلام ألّا يرشح نفسه للرئاسة لكي ينقذ البلاد والعباد، لا يمكن لصغير مريض نفسي كنزار نيوف أو أي سقط متاع، أن ينال منه.
وهذا ليس ادعاء طهارة ثورية أو بطولة من أي نوع، فلست بطلاً ولا أريد أن أكون بطلاً، ما أريده فقط أن تكون بلادي بخير وشعبها بخير ولو دفعت حياتي ثمناً.
لذلك، وبرغم أن نضالنا الحالي أهم من شخصي وشخصه وشخص أي شخص إلّا أن من يرمي الناس بالتهم الجاهزة حتى قامات الأمة الكبرى مثل نزار قباني وعبد الوهاب البياتي وعشرات من الآخرين ما هو إلّا ذباب يحاول أن يحط على مناضد القلم، فلا يجد ما يلعق، فيذهب إلى غيرها حتى يقوت.