رداً على وزير الدفاع الأمريكي وبناء الهيكل الثالث

لطفي السومي

 وزير الدفاع الأمريكي بيتر هيغسيث أعلن: الهيكل الثالث سيتم بناؤه في عهد ترامب في مكان المسجد الأقصى.
كم هو كبير كل هذا الازدراء لمليارات العرب والمسلمين وخاصة لملوكهم ورؤسائهم وأمرائهم.
أعرض أمام هذا الوزير الجاهل بعض المعلومات المتعلقة بالهيكل:
تدعي التوراة ان الملك العظيم سليمان ٩٧٠ - ٩٣١ ق. م قد بنى هيكلا لإلهه يهوه، وسننقل للقارئ وللوزير الجاهل بعض المعلومات المتعلقة بالهيكل والمأخوذة من التوراة:
١) استعمل في عملية البناء ١٨٣٣٠٠ عامل.
٢) استغرقت عملية البناء ٧ سنوات.
٣) مساحة البناء ٣٢٤،٢٨ متر مربع أي أنه قد كان بمساحة شقة كبيرة.
٤) كان هذا الهيكل الخرافي هو أول هيكل يبنى ليهوه لأنه كان إلهاً بدوياً يتنقل مع شعبه كما ورد في التوراة، حيث يخاطب يهوه الملك داود قائلا (أأنت تبني لي بيتاً لسكناي، لأني لم أسكن في بيت منذ أصعدت بني إسرائيل من مصر إلى هذا اليوم، بل كنت أسير في خيمة) صموئيل٢ / ٧: ٥ - ٦).
٥) لقد نقبت مدينة القدس كما لم تنقب أي مدينة في العالم منذ العام ١٨٦٧م وحتى الآن، ولقد دلت الحفريات على أن القدس في القرن العاشر ق. م لم تكن أكثر من قرية جبلية معزولة لا تصلح لأن تكون عاصمة لإمارة صغيرة ناهيك عن ان تكون عاصمة لإمبراطورية تمتد من الفرات إلى النيل.
اكتفي بتصريح البروفيسور اليهودي يوسف جارفنكل لجريدة هاآرتس عدد ١٧ /٢ / ٢٠٢٠ قائلاً: (الوصف التوراتي لمعبد أورشليم والذي يزعم بناؤه من قبل الملك سليمان له نفس بنية المعبد الكنعاني والأعمدة والأبراج والتي تقود إلى قاعة مركزية).
أرجو أن يعلم الجميع، رغم انتشار الخرافة التوراتية واستمرارها لأكثر من ألفي عام، أن مملكة يهودا التي نشأت في منتصف القرن الثامن ق. م لم تصبح مملكة يهودية إلّا بين ١٣٠ / ١٢٥ - ٦٣ ق. م وذلك أثناء الثورة الحشمونية ضد الحكم السلوقي وأن ديانة مملكة يهودا بشعبها وملوكها كانت هي الديانة الكنعانية، وإنه لم يوجد اي هيكل يهودي في عموم فلسطين (يهودا والسامرة) قبل أواخر القرن الثاني ق. م في مودعين (أم العمدان)، رغم أن التاريخ التوراتي يعيد وجود من يسميهم زوراً بني إسرائيل إلى القرن ١٢ ق. م. وإن المعابد الكنعانية تنتشر في عموم فلسطين من دان وحاصور في الشمال إلى عراد وتل العجول (غزة) في الجنوب وإن المدينة الواحدة كانت تحتوي على عدة معابد كنعانية وحتى أورشليم نفسها وكذلك جارتها تل موزة (موتسا).
قد يتساءل القارئ كيف لم تكن يهودا يهودية الديانة، وأجيب أن يهودا هو اسم المقاطعة قبل أن تسمع بالديانة اليهودية وأن عبدة يهوه قد أخذوا اسمهم من اسم المقاطعة وذلك في القرن الأول الميلادي ومن أسموهم هم بولس الرسول المسيحي وجوزيفوس المؤرخ، وكذلك فإن اسم اسرائيل يتكون من مقطعين (إسر بمعنى عهد أو ميثاق باللغة الآرامية والملك أو الحاكم باللغة الكنعانية، أي ان اسرائيل تعني عهد إيل بالآرامية، والملك أو الحاكم إيل بالكنعانية، وإيل هو رئيس مجمع الآلهة الكنعانية، وبالتالي فقد تسمى عبدة يهوه اسرائيليين بسبب أن معظم سكان يهودا قد أصبحوا اسرائيليين بين الأعوام ٧٢٠ - ٧٣٠ ق. م عندما هربت أعداد كبيرة من الإسرائيليين من وجه الآشوريين.
ربما بني معبد مجهول ليهوه أثناء المرحلة الحشمونية وإن أول معبد مهم قد بناه الوالي العربي الادومي من الطفيلة في العهد الروماني عام ٢٠ ق. م والذي يقول عنه جون سترينج “إلّا أنه قد غير المفاهيم التي يقوم عليها الهيكل الجديد وحوله من معبد مكرس للإله اليهودي إلى صرح ديني توفيقي“ في كتاب “القدس أورشليم العصور القديمة بين التوراة والتاريخ“ ص١٥٧ تحرير توماس طومسون.
نخلص إلى القول إن جزءاً كبيراً من العالم لا زال من الضروري ان يتحرر من الخرافات التوراتية، والتي صنعت لنا أعجوبة هي هيكل سليمان ودينا كاملا مبنيا على الأسطورة، ولا زال الكثير من قادتنا الاشاوس يسعون إلى إقامة ديانة إبراهيمية واحدة تكرس الخرافة وتدخلنا في مجاهلها.