سلطة بلا بوصلة وجمهور يصفق للهاوية
حسن عبد الله الخلف
أي سلطة هذه التي تدير ظهرها لشعبها وتفتح ذراعيها للغرب وللجار الأزرق؟ أي سلطة هذه التي تستقوي بالخارج وتستبد بالداخل؟ لا تراها تفكر بمصالح الناس ولا بمستقبل البلاد بل بعقلية فصيل يرى الدولة غنيمة والكرسي إرثا والحكم مجرد وسيلة للانتقام.
حتى رئيس الجمهورية نفسه في كل خطاباته يشعرك وكأنه لا يرى شعبه لا يسمعه ولا يعترف بوجوده من أصعب ما قاله يوما أن "الثورة انتهت"! كأن الثورة ملك يديه هو من أشعلها وهو من يطفئها! هل بدأها أصلاً حتى يقرر نهايتها؟ أي استهتار بالشعب ودمائه وتاريخه هذا؟
ولم يكتفوا بل أرهقونا بحديث "تجربة إدلب". أي تجربة بحق السماء؟ ما الذي في إدلب غير مخيمات مكتظة بالبؤس وحدود تهرّب منها سيارات الخردة الأوروبية؟ هل هذه تجربة يفاخرون بها؟ أم وصمة عار على سلطة لم تفهم أن الحكم سياسة وعدل لا تجارة بالخراب؟
ثم سلطة لا تمر دقيقة إلا وتصدر مرسوما أو قرارا أو تعيينا أغلبها مخالف حتى لأبسط قوانين العمل والإدارة
سلطة تُصرّ على تعيين من "اللون الواحد" من "الفصيل الواحد" من "العائلة الواحدة". أي إدارة هذه غير تخبيص يومي لا يجلب إلا انهيار الثقة وتعميق الانقسام؟
سلطة تحمل على كتفيها وزر النفير العام ومجازر الساحل ووزير خارجيتها يحمل العشائر مسؤولية مجازر السويداء، بينما الرئيس نفسه يشكر العشائر!
أي عبث سياسي هذا؟ أي دولة يمكن أن تبنى على هذا التناقض الفاضح؟
سلطة جمهورها "منحبكجي" و"مطبلجي" جمهور يكذب على نفسه وعلى أهله، يصدق كذبة الاستثمارات والمشاريع وهو يعرف أنها لا تتجاوز الورق، يصفق بينما يرى حكومته تمنح "قسد" ما تريد: حكم لامركزي اندماج كامل ممرات إنسانية مفتوحة بين الكرمل في إسرائيل والسويداء. يبرر يصفق يطبل وهو يرى الخنوع بأم عينه.
شعب لا يملك غير حكومة وليدة طلب منه أن يمنحها فرصة ومنحها كل الوقت، لكنها لم تتقدم خطوة واحدة لا مشروع لا رؤية لا إصلاح بل مزيد من الإهانة اليومية للمواطن يقال له كل مرة: "تصرف فردي" وكأنها قضاء وقدر فيما المؤسسات معطلة والشيوخ هم أصحاب القرار وصورهم تملأ الإعلام ليقال للناس: "ما في شيوخ"!
أن هذه ليست دولة بل مسرحية طويلة: سلطة تكذب وجمهور يصفق وشعب يباع ويشترى تحت شعارات كاذبة.
إلى متى سيبقى هذا الشعب يصفق لسلطة لا تراه؟ إلى متى سيباع في سوق الشعارات ويُهتف لولي أمره وهو في قاع الحضيض؟ إلى متى يدار وطن كامل بعقلية فصيل ويحكم بمفردات الكيدية والمجاكرة؟ إلى متى يستمر هذا الوهم القاتل؟