هل كان حكمُ بيت الأسد حكماً عائلياً؟ لِنرَ..
أسعد صالح
إنّ حكم بيت الأسد كان حكما عائليا بالدرجة الأولى، وبمقدار ما تكون قريبا من العائلة أو راضية عنك تتساقط عليك الأموال وتُساق إليك المناصب، وهذا الحكم العائلي دمّر نفسه بنفسه في نهاية المطاف، نتيجة التراكمات من الفساد والمحسوبيات والظلم والقمع على مدار السنين، مع الإشارة أن العائلة نفسها درجات فهنالك الصف الأول والثاني والثالث..، وكانت نتيجة الحكم العائلي أن أُضيف إليه وصفا طائفيا بأن العلويين هم من يحكمون وهذا مُنافٍ للحقيقة وبعيد عن الصواب.
لنبدأ من استلام حافظ الأسد للحكم، فقد أطلق يد شقيقه رفعت الذي كان يقود سرايا الدفاع وهي كانت جيش مصغر مستقل ضمن الجيش السوري، وكان رفعت عضو القيادة القطرية ورئيس مكتب التعليم العالي ورئيس رابطة خريحي الدراسات العليا، وكان يفعل ما يشاء يعين وزراء ومدراء وقادة، ويدير شبكات من الفساد، ويقمع من يعارض الحكم أو يقتله، وكان هنا خطأ تاريخيا من حافظ الأسد الذي شاركت سرايا رفعت في أحداث حماة رغم أنه لم تكن الوحيدة وفي أحداث سجن تدمر حتى رفعت دفع ثمنها فيما بعد، فأصبح الإعلام والرأي العام يُسلّط الضوء على رفعت باعتباره شقيق الرئيس وحصد العلويون اليوم نتيجة هذه الأفعال لأن رفعت ينتسب للعلويين مع أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وكان جميل الأسد عضو مجلس الشعب منذ العام ١٩٧١م حتى وفاته الذي كان في محافظة اللاذقية يرشح أعضاء مجلس الشعب عنها ومن يكون راضيا عنه ينجح أو من يقدم له فروض الطاعة ويقبل يده يدخل باب البرلمان، وكان قد أسس شركة الساحل التي أدارت صفقاته في الفساد وغسلت أمواله المتحصلة من عمليات التهريب، وكان قد أسس جمعية الإمام المرتضى لنشر التشيع في مناطق العلويين خاصة وفي سورية عامة، ولا ننسى محمد مخلوف شقيق أنيسة زوجة حافظ الأسد الذي كان يدير ملفات اقتصادية على مستوى القطر وكان له اليد الطولى فيها وكان فاسدا مفسدا، أضف إلى ذلك رياض شاليش وأخاه ذو الهمة شاليش اللذان أمعنا في الفساد والسرقة من المال العام.
بعد استلام بشار الأسد للحكم في سورية برز بشكل لافت للنظر رامي مخلوف فيما يخص الاقتصاد وسيطر على بعض القطاعات بشكل شبه كامل كالاتصالات وصار يتدخل في قوائم أعضاء مجلس الشعب في اللاذقية بعد وفاة جميل الأسد، في العام ٢٠٠٣م عُيّن محمد ناجي العطري شقيق سحر العطري والدة أسماء الأخرس رئيسا للحكومة وهذه الحكومة الفاسدة جعلت الشعب يتسوّل، وبهذا الأمر أصبحت اسماء تحكم من خلف الكواليس في كثير من أمور الدولة، وعين إياد غزال محافظا لحمص وهو زوج أختها، فقد جعل حمص إمارة خاصة به، كما برز آصف شوكت زوج بشرى الأسد، الذي كان نائب رئيس شعبة المخابرات وفي العام ٢٠٠٥م استلم رئاستها وأصبح متحكما في كثير من مفاصل الدولة والجيش، أما ماهر الأسد فكان ضابطا في الفرقة الرابعة ولكنه كان القائد الفعلي لها لسنوات طويلة حتى استلمها بعد ترفيعه لرتبة لواء وكان حاكما في الظل ويجمع حوله كبار رجال الأعمال وسلط حواجز فرقته على الشعب الذي كانت تفرض على كل سيارة أو شاحنة محملة بالبضاعة بأن يدفع وإلا تصادر بضاعته او تحجز، وأصبح الإعلام يُسلّط الضوء عليه في أحداث ٢٠١١م باعتباره شقيق الرئيس وينسب له معظم القمع والقتل، وأيضا حافظ مخلوف شقيق رامي الذي كان رئيس القسم ٤٠ في الفرع الداخلي التابع لإدارة المخابرات العام فقد أمعن في الظلم والفساد والتدخل في كل شيء.
وكان عدنان مخلوف وعدنان الأسد وزهير الأسد وهائل الأسد وهلال الأسد وإن بدرجة أقل، مثالا للفساد والمحسوبية وهؤلاء كان في مناصب رسمية الجيش والدولة.
عدا عن ذكر بيت الأسد وتشبيحهم وظلمهم في اللاذقية خصوصا واحتكارهم لكثير المواد وفرضهم أتاوات على بعض القطاعات الإنتاجية مثال يسار وبشار طلال وحافظ منذر ووسيم الأسد.
بهؤلاء جميعا كان لهم أصدقاء فاستفادوا منهم وضربوا بسيفهم.
هؤلاء المذكورون أعلاه من عائلة الأسد ومن أقربائهم ومن أصهارهم، سرحوا ومرحوا في سورية كما يشاؤون خلال فترات، ولكن أقصي بعضهم لما زادت فضائحهم وفاحت رائحتهم، لكي لا يؤثروا على النظام الحاكم ولإيصال رسالة هي كاذبة في حقيقتها بأن هذا النظام يكافح الفساد.
وبسبب هؤلاء صار الشعب في سورية وفي الخارج ينظر إلى الحكم بأنه حكما عائليا وطائفيا وألصقت أعمال الفساد وأفعال القمع بالعلويين لمجرد انتماء هؤلاء الفاسدين والظالمين لهم، واكثر من ظلم العلويين هم أنفسهم بأن جعلوهم خدما لهم وحشما، أفقروهم لكي يتطوعوا في الجيش والأمن ليكونوا حماتهم، ولم يكن العلويون إلا وقودا، ولكم يكونوا سوى ضحايا في خاتمة الأمر .
هؤلاء كانوا يعيشون في قصور ويملكون أفخم السيارات وبالمئات ويسيحون في أنحاء العالم، يعيشون في جنة ومعظم الشعب يتسول لقمة العيش.
هؤلاء كانوا نقطة ضعف النظام فعندما يُنتقد يُستدلّ بهؤلاء الأشخاص وبأفعالهم.
الكارثة الكبرى أن معظم هؤلاء الذين بقوا على قيد الحياة غادروا سورية مع أموالهم بضمانة من بعض الدول، وبتسهيل من الحكم الحالي، وبقي الشعب الفقير يحصد نتائج أفعالهم، وهو الذي عاش فقيرا في زمانهم ويعيش فقيرا طريدا في زمان من اتى بعدهم بسببهم، والكارثة الأكبر أنك ترى بعض هذا الشعب المعتر يدافع عنهم ويحن إلى زمنهم لسوء ما يلقى اليوم بسببهم.
حتى ندرك مدى العائلية في هذا النظام فقد كان حافظ الأسد يعد باسل لوراثته فلما توفي أعد بشار، وبشار صار يحهز ابنه حافظ لوراثته.
في هذا المقال تحدثت عن الجانب العائلي كسبب رئيسي وإن كان لا يُلغي أسبابا أخرى.
لو كان رأس النظام السابق ذكيا وعقله استراتيحيا ونظره بعيدا لما سمح لكثير من أفراد عائلته التمادي والتمدّد والسيطرة والتحكم في كثير من أمور الدولة، الذين كانوا أحد الأسباب الاساسية لنهايته.
أقول: النظام الأسدي لم يكن تفكيره سوريا ولم يكن تفكيره طائفيا بل كان تفكيره شخصيا وعائليا.