(عن رحيل صبي النظام السوري البائد.. «فاضل الربيعي»)
2025.04.14
ملاحظة مؤسفة (خطّها د. نوفل نيّوف):
بلغني من مصدر موثوق أن (جورج فاضل متى) اسم يختبئ وراءه شخص مريض كذاب، جمع أجزاء البحث من مراجع متنوعة وأضاف إليها من عندياته ما شاء...
بعيداً عن الحدث السوري قليلاً
( عن رحيل صبي النظام السوري البائد... «فاضل الربيعي»)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحل يوم أمس الكاتب العراقي «فاضل الربيعي»، أو «الدكتور فاضل الربيعي»، كما كان يسميه الحمقى والجهلة. ولا يملك المرء، إذا كان مؤمناً، سوى أن يقول «رحمه الله» ، ويعزي أهله ومحبيه. وباعتباري لست مؤمناً، ولا أومن بشيء اسمه «عالم آخر» بعد الموت، ولأن تربيتي لا تسمح لي بقول أي شيء بحق شخص آخر بعد موته، إن لم أقله وهو على قيد الحياة، لن أقول إلا ما قلته في حياته . وبعض ما قلته كان له مباشرة عبر رسائل كانت تنقلها بيننا ابنته الصيدلانية التي تعيش في هولندا.
ـ «الربيعي» لم يكن يحمل سوى الشهادة الثانوية، ولم يعرف في حياته حتى الدراسة الجامعية، وكان ينتحل لقب «دكتور»؛
ـ «الربيعي» لم يكن يعرف العبرية، بخلاف مزاعمه؛ وبالكاد كان يعرف قراءة حروفها؛ (تحصيله كله في اللغة المزعومة بأنها «عبرية» عبارة عن كورس لستة أشهر في إحدى الجامعات الهولندية)؛
ـ لم يكن يعرف حتى اللغة الإنكليزية، التي لا بد منها لأي باحث في عصرنا، بسبب الحجم الهائل للمؤلفات التي تنشر بهذه اللغة في مختلف ميادين المعرفة؛
ـ الربيعي سطا في أعماله على أعمال «كمال الصليبي»، لاسيما «التوراة جاءت من جزيرة العرب»، وغيره من المهتمين بهكذا قضية ( أمثال: «أحمد الدبش»؛«فرج الله صالح ديب»..إلخ). لكن واحدة من أكبر عمليات السطو التي قام بها، غير المعروفة لعامة الناس، كانت بفضل أصحابه من ضباط المخابرات السورية! فقد استعار في العام 2005 كتاباً من «مكتبة الأسد»، مصادراً منذ العام 1989، بعنوان «الإسلام التلمودي والإسلام الطالبي ـ مقدمات في البحث عن الجذور التناخية للإسلام ...»، واستلهم معظمه ، بل ونسخ منه ما نسخ حرفياً في كتابه «فلسطين المتخيلة»(2008) وكتابه الآخر « حقيقة السبي البابلي »(2011) ، دون الإشارة إلى المصدر الحقيقي. ولولا حصولي على صورة من الإذن المخابراتي الخاص الذي مُنح له للاطلاع على هذا الكتاب، لما عرفنا مصدر مسروقاته. فالكتاب ممنوع الوصول إليه أو استعارته دون استثناء خاص من شعبة المخابرات العسكرية، نظراً لأن الكتاب صودر وأحرِق في العام 1989بطلب من وزارة الأوقاف، باستثناء خمس نسخ منه محفوظة في قسم المصادرات والممنوعات في المكتبة المذكورة ولا يسمح بالوصول إليها ، وفق القوانين ذات الصلة، إلا باستثناء خاص من الجهة التي صادرته!
ـ وصلت ضحالته المعرفية إلى حد أنه لم يميز بين النبي التوراتي الأسطوري «صموئيل بن ألقانةשמואל בן אלקנה»، الذي عاش في القرن العاشر قبل الميلاد حسب سفر«صموئيل الأول»، وبين الشاعر العربي اليهودي الشهير «السموأل /صموئيل بن عاديا»، الذي عاش في القرن السادس الميلادي! وهذا مجرد مثال عابر من مئات الأمثلة.
ـ اشتهر بعمليات تلفيق وفبركة واسعة النطاق للمصادر والمراجع التي يذكرها. فهو لم يكن يتردد في تلفيق مصادر ومراجع لا أساس لها من أجل إسناد فكرة مجنونة خطرت على باله. ففي كتاب «حقيقة السبي البابلي»، على سبيل المثال، اعتمد على مئة وأربعة وعشرين إحالة مصدرية ومرجعية لا وجود لها(ملفقة كلها عن بكرة أبيها). وحين دققت الكتاب أصبت بالذهول جراء هذه الوقاحة والفجور، وأرسلت له مراجعة دقيقة من 22 صفحة ، لكني لم أتلق منه أي رد ( أرسلت لاحقاً نسخة من هذه الرسالة /المراجعة للصديق الفلسطيني الباحث عبدالله الخطيب).
ـ لكن أخطر ما ذهب إليه «الربيعي»، بخبث أو بغباء، على غرار صديقه الجاسوس الموسادي «عزمي بشارة» الذي أنكر وجود هوية فلسطينية واعتبر فلسطين صناعة استعمارية (في شريط فيديو موجود على الإنترنت)، هو ادعاؤه بأن فلسطين التي نعرفها لا يوجد لها أي ذكر في الأعمال التاريخية الإغريقية واللاتينية قبل القرن الثالث الميلادي (كذا حرفياً!!)، فأرسلت له رسالة بتاريخ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 من أربع صفحات أثبت له فيها أن فلسطين ذكرت في عشرات الأعمال الإغريقية واللاتينية كما وردت (باللغة اليونانية القديمة/ الإغريقية) وفي الفترة الرومانية باللغة اللاتينية (قبل القرن الثالث). وهنا مقتطفات من الرسالة:
«... الآن، وبالعودة إلى موضوع "فلسطين" في "تاريخ هيرودوت"، وبغض النظر عن الرجل الذي قال لك إن "فلشتيم / آسن = تنادا لشرح الأناجيل"(التي لم أفهم مقصدك منها أبدا، خصوصا لجهة ربطها بالأناجيل!!)، وأيا تكن منزلته العلمية واللغوية، فلا أساس لكلامه من الصحة، وهي عبارة عن لغو وهذيان حقيقي وفبركة. لقد ذكر هيرودوت "الفلسطينيين" كشعب خمس مرات في خمسة مقاطع، وذكر فلسطين، كجغرافيا، مرتين في مقطعين(2)، أي أنه أشار للموضوع سبع مرات. وفي جميع الحالات كان يربطها بسوريا، فحين كان يشير لها بصيغة "الفلسطينيين" كان يعتبرهم سوريين جنوبيين، وحين كان يذكرها بصغية "فلسطين" كان يعتبرها الجزء الجنوبي من سوريا. وهذا يعني أنه ليس هناك أي التباس جغرافي أو ديمغرافي أو إثنولوجي . وفيما يلي نموذجان عن ذكره للشعب والجغرافيا، وهما واضحان لا لبس فيهما باليونانية القديمة، لغة أثينا Attic Greek، و ليس بأي لغة أخرى مترجمة عنها سواء من قبل مستشرق أو "مستغرب"!
يشير الأول إلى الفلسطينيين والثاني إلى فلسطين كجغرافيا، وقد ورد فيهما ما حرفيته (والتشديد مني):
النص الأول :
μούνῃ δὲ ταύτῃ εἰσὶ φανεραὶ ἐσβολαὶ ἐς Αἴγυπτον. ἀπὸ γὰρ Φοινίκης μέχρι οὔρων τῶν Καδύτιος πόλιος ἐστὶ Σύρων τῶν Παλαιστίνων καλεομένων· ἀπὸ δὲ Καδύτιος ἐούσης πόλιος, ὡς ἐμοὶ δοκέει, Σαρδίων οὐ πολλῷ ἐλάσσονος, ἀπὸ ταύτης τὰ ἐμπόρια τὰ ἐπὶ θαλάσσης μέχρι Ἰηνύσου πόλιος ἐστὶ τοῦ Ἀραβίου, ἀπὸ δὲ Ἰηνύσου αὖτις Σύρων μέχρι Σερβωνίδος λίμνης, παρ᾽ ἣν δὴ τὸ Κάσιον ὄρος τείνει ἐς θάλασσαν· [3] ἀπὸ δὲ Σερβωνίδος λίμνης, ἐν τῇ δὴ λόγος τὸν Τυφῶ κεκρύφθαι, ἀπὸ ταύτης ἤδη Αἴγυπτος. τὸ δὴ μεταξὺ Ἰηνύσου πόλιος καὶ Κασίου τε ὄρεος καὶ τῆς Σερβωνίδος λίμνης, ἐὸν τοῦτο οὐκ ὀλίγον χωρίον ἀλλὰ ὅσον τε ἐπὶ τρεῖς ἡμέρας ὁδόν, ἄνυδρον ἐστὶ δεινῶς.
النص الثاني:
ἀπὸ δὲ Ποσιδηίου πόλιος, τὴν Ἀμφίλοχος ὁ Ἀμφιάρεω οἴκισε ἐπ᾽ οὔροισι τοῖσι Κιλίκων τε καὶ Σύρων, ἀρξάμενος ἀπὸ ταύτης μέχρι Αἰγύπτου, πλὴν μοίρης τῆς Ἀραβίων (ταῦτα γὰρ ἦν ἀτελέα), πεντήκοντα καὶ τριηκόσια τάλαντα φόρος ἦν. ἔστι δὲ ἐν τῷ νομῷ τούτῳ Φοινίκη τε πᾶσα καὶ Συρίη ἡ Παλαιστίνη καλεομένη καὶ Κύπρος: νομὸς πέμπτος οὗτος.
النص الأول، ورغم أنه مكتوب باليونانية القديمة التي بدأ استخدامها في القرن الخامس قبل الميلاد والتي تختلف بعض الشيء عن اليونانية التي نعرفها اليوم ، بسيط و واضح جدا حتى بالنسبة لغير المتخصصين، فهو يتحدث عن السوريين الذين يسكنون الجزء الجنوبي من سوريا والذين يسمونهم السوريون " فلسطينيين" Παλαιστίνων . وبغض النظر عن كلمة Καδίτης ( كاديتيس) التي فسرها بعض المعاتيه من المستشرقين على أنها "القدس"( وأنا أفسرها بأنها "غزة" إذا قارناها بـ Khazitaكما كان الأشوريون يدعونها ، لأنها كما يخبرنا هيرودوت في نصه تقع إلى جانب "إينيسوس" λίμνης " التابعة لملك العرب". وإينيسوس هي "العريش" كما هو معروف) ، فإن الحديث يدور عن فلسطين التي نعرفها اليوم. فالنص يحددها جنوبا بـ "مستنقع سوربون" ( مستنقع/ بحيرة بردويل) الواقع غربي العريش اليوم . ولا يمكن الاجتهاد في قراءة Παλαιστίνων (الفلسطينيين) إلا بهذه الطريقة. فليس هناك في العبارة المقطع "فلشتيم" ولا "آسن" الذي أشرت إليه، ولا أيما شيء في النص كله يتعلق يوحي من قريب أو بعيد بشيء اسمه "أناجيل" أو "تنادا" أو شيء يتصل باللاهوت . فالنص جغرافي ـ تجاري كليا من أوله إلى آخره ،ويتحدث عن نقل البحارة السوريين لجرار الخمر من "فينيقيا" إلى مصر، وليس فيه حرف واحد يشير إلى أناجيل، بأي معنى من معانيها أو دلالاتها، سواء القديمة أو اللاحقة. فالكلمة كلها لا يوجد فيها حتى الحرف " ميم" أو الحرف "شين"(حتى بـ Attic Greek)؛ ناهيك عن أن الكلمة لا يمكن تجزئتها بأي شكل من الأشكال. وأما النص الثاني فيشير إلى فلسطين/ بالستين Παλαιστίνη كجغرافيا تشكل جزءا من سوريا وتتصل جغرافيا بفينيقيا . والنص يتحدث حرفيا عن "كيليكيا" و"قبرص" و"سوريا" و"فينيقيا" كعلاقة ترابط جغرافي. وبإمكانك أن تعود إلى أي يوناني يعرف لغته ومراحل تطورها للتثبت من ذلك. والواقع هذا ما قمت به أنا لقطع الشك باليقين؛ فرغم أني حسمت الأمر لغويا منذ العام 1988، قبل ثلاثين عاما، قمت بإرسال المقطعين لصديقتي الدكتورة " إيفسيفيا لا سيثيوتاكيEfsevia Lasithiotaki "، الأستاذة في جامعة أثينا وجامعة إكستر البريطانية،وطلبت منها أن تقرأها لي دون أن أقول لها شكوكي بشأنها لكي لا أوحي لها استباقيا بأي شيء ، ودون أن أقول لها إن النصين مقتطعان أصلا من تاريخ هيرودوت. فقرأتْهما حرفيا كما أوردتها لك! وكذلك فعلت الأستاذة "يوديث فينخراتن" Judith Weingarten ، المحاضرة في جامعة أكسفورد ورئيسة المعهد الأركيولوجي البريطاني في أثينا، المتخصصة بالحقبة الهيلينية والرومانية في المشرق، وكتبت كتابا مرجعيا فذا عن مملكة تدمر وزنوبيا أقوم بترجمته إلى العربية بتكليف منها. فقد ترجنت لي النصين كما هما.
زد على ذلك إن هيرودوت (الذي خلا كتابه تماما من أي إشارة إلى "أورشليم / القدس"، كتب كتابه قبل مئة عام على فتوحات الإسكندر المقدوني للجزيرة العربية والمشرق العربي، الأمر الذي يعني أنه لم يكن يعرف "الفلشتيم" في اليمن ولا الحضارة اليمنية القديمة وممالكها، لكي نفترض أن التباسا أو تشوشا ما قد حصل، رغم أنه يتحدث بشكل لا لبس فيه عن المنطقة التي نسميها اليوم بلاد الشام.
ودعك يا عزيزي من "هيرودوت" وانسَ أمره تماما، إذا كان هناك أي شك بشأنه، فهناك عدد لا حصر له من الإغريق والرومان قبل الميلاد وبعده، كانوا يطلقون عليها الاسم الذي نعرفه اليوم باللاتينية أو إحدى طرق لفظه (ولن أقتبس من "فلافيوس يوسيفيوس" أو "فيلون الأسكندراني اليهودي"، للأسباب التي تعرفها، رغم أنهما كانا ممن وصفها بهذا الاسم، بغض النظر عن اختلافهما فيما يتعلق بحدودها ومدى شمولها لفلسطين الحالية كلها أو بعضها).
فأرسطوطاليس، وفي كتابه "الهندسةΜετρολογία " (340ق .م) ، ذكرها باللفظ ذاته، وربطها بالبحر الميت. وكذلك فعل "بوليمون الأثيني" Πολέμων ὁ Ἀθηναῖος( 150 ق.م) حين تحدث عن أنه " في زمن أبيس بن ألفيرونيوس ( البطل الشعبي الإغريقي) جرى طرد جزء من الجيش المصري ( يبدو أنهم كانوا متمردين) فاتخذوا مسكنا لهم في جزء من سوريا يدعى فلسطين غير بعيد عن العربيا". وأما المؤرخ اليوناني أغاثارخيدس Ἀγαθαρχίδης ( 130 . ق. م) ، الذي كان سياسيا في زمن بطليموس الثامن في مصر، فكتب في كتابه "البحر الإريتيري / البحر الأحمر Περί της Ερυθράς Θάλασσας" عن خليج العقبة ووصفه بأنه "يمتد من صخرة تيران حتى فلسطين وبلاد الأنباط"، كما يقتبس عنه "سترابو". وأما الشاعر المخضرم (قبل وبعد الميلاد) ألبيوس توبولوس Τίβουλλος فكتب في إحدى قصائده عن " الحمامة السورية البيضاء التي تطير بسلام فوق مدن فلسطين المزدحمة". وكذلك فعل الشاعر "أوفيد" في كتابه " Fastorum" من "التحولات Μεταμορφώσεις" حين كتب عن " جوبيتر الذي حمل السلاح دفاعاً عن السماء ، فجاء إلى الفرات مع كيوبيد الصغير ، وجلس على حافة مياه فلسطين". ومن المؤكد أنك قرأت ما قاله "فيلون اليهودي الإسكندراني" عن " سوريا وفلسطين اللتين لا تفتقران إلى الحكمة...إلخ". ولكن ، وكما قلت أعلاه، لا أريد الاستشهاد به لأسباب يمكنك التكهن بها! ولعل الجغرافي الروماني الأول "بومبونيوس ميلا Pomponius Mela " ( أواسط القرن الأول) كان أكثر وضوحا من كل من سبقوه حين حدد في كتابه الجغرافي الثاني المكتوب باللغة اللاتينية De situ orbis libri II كلا من "فلسطين" و"اليهودية" على خارطة وضعها لمنطقتنا بالكتابة واللفظ الذي نستخدمه اليوم. ولعلها أدق خارطة قديمة وصلتنا من القرن الأول وأقربها شكلا إلى خرائطنا الحديثة. ومثله فعل مؤرخ وعالم الطبيعيات "بليني الأكبر Pliny the Elder " في العام 77 ميلادية في كتابه التاريخ الطبيعي Naturalis Historia" ( المجلد الأول، الكتاب الخامس) حين أفرد فصلين ( 13 و 14) من الكتاب للحديث عن فلسطين وسوريا، فضلا عن الفصل 40 من الكتاب السابع . وأما "ماركوس فاليريوس بروبوس Marcus Valerius Probus " ، الذي عاش نهايات القرن الأول وبدايات القرن الثاني، ورغم أنه كان ناقدا أدبيا وعالم لغة بالدرجة الأولى، وجد المناسبة ليحدثنا عن أن "اليهودية جزء من فلسطين السورية" حسب تعبيره الحرفي. وأما تيبيريوس سيليوس إيتاليكوس Tiberius Silius Italicus " ، القنصل والشاعر الملحمي الذي عاش في زمن "بروبوس" نفسه، وفي الأثر الوحيد الباقي من أعماله( ملحمته "بونيكا" المؤلفة من 12 ألف بيت، وهي معارضة لملحمة " جيورجيكس" الشهيرة لـ "فرجيل")، فيقول في أحد مقاطع ملحمته عن بطله "تيتوس" : " رغم أنه شاب، فإنه سيضع حدا للحرب مع شعب فلسطين البغيض / الضاري/ العنيف".
بإمكاننا أن نسوق عشرات آخرين من المشهورين والأقل شهرة، ممن عاشوا قبل القرن الثالث الميلادي وذكروا فلسطين بوصفها الجزء الجنوبي من سوريا، وبوصف الفلسطينيين جزءا من السوريين، أمثال الخطيب والمؤرخ اليوناني "ديون كريستون Δίων Χρυσόστομος " الذي عاش في القرن الأول والثاني، الذي حدثنا عن " فلسطين والبحر الميت وسودوما / سدوم" ، وأكثر من عشرين آخرين من المؤرخين والشعراء والقناصل والجغرافيين الذين عاشوا في تلك الفترة.
أين نضع كل ما قاله هؤلاء عن فلسطين السورية؟ هل نرميهم في سلة القمامة جميعا هم وأعمالهم لمجرد أنهم قالوا أشياء لا تتوافق مع قناعاتك بأن الحدث التوراتي كان جزءا من التاريخ اليمني أو لأننا لا نستطيع أو نعرف كيف نفسر وجودها في ذلك الزمن؟ وأين نضع إشارة "هيرودوت" إلى أن هناك سوريين "يختتنون في فلسطين السورية وقد تعلموا هذه العادة من المصريين"، رغم أنه لم يسمهم يهودا؟ (3).
(...)
نحن يا عزيزي أمام مشكلة علمية لا بد لنا من مواجهتها بشجاعة من أجل حلها، وكما قال ماركس" لا يطرح الناس على أنفسهم مشاكل إلا بعد أن تكون أصبحت ناضجة وقابلة للحل" : من أين وكيف جاء اسم فلسطين (الواضح الذي لا لبس فيه) إلى الجزء الجنوبي من سوريا منذ القرن الخامس قبل الميلاد، إذا رفضنا جميع القراءات الأخرى للاسم الذي ورد في السجلات الآشورية و المصرية قبل ذلك بمئات السنين؟ هذا مع الإشارة إلى أني لا أخلط أبدا ، بين حروب "تحتمس" وابنه وملوك وادي النيل الآخرين في الحجاز و اليمن القديم، كما يمكن فهمها الآن من نقوش معبد "الكرنك"، وبين حروبهم في الشمال.
مع التحية والود والتقدير لجهودك ، وللسيدة ندى التي أرغمناها على لعب دور "البوسطجي" بيننا! ( انتهت الرسالة).
ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش الواردة في رسالتي له :
2ـ ذكر "هيرودوت" الفلسطينيين وفلسطين في الأماكن السبعة التالية من تاريخه، وهذا إحصائي الخاص الذي قمت به قبل 30 عاما( العام 1989) حين كنت أجمع مواد "الإسلام التلمودي":
الكتاب الأول ، المقطع 105 ؛ الكتاب الثاني، المقطع 104 و 106؛ الكتاب الثالث ، المقطع 5 و 91 ؛ الكتاب الرابع ، المقطع 39. وفيها كلها كانت مرتبطة بسوريا وفينيقيا وقبرص. وقد اعتمدت على النص اليوناني الأصلي بمساعدة البرفويسور "يوجين بولانتزاس" الذي كان ملحقا ثقافيا في السفارة اليونانية بدمشق آنذاك.
(3) ـ في كتابه الثاني، صحيح أن هيرودوت لم يذكر اليهود بالاسم، ولكن يشير إليهم باعتبارهم " فلسطينيين سوريين يختنون ذكورهم، وقد تعلموا هذه العادة من المصريين". وهذه بحد ذاتها تثير مشكلة أخرى كونها تومىء إلى اليهود، رغم أني حاولت تفسيرها في "الإسلام التلمودي" وسبب وجود هؤلاء في فلسطين آنذاك. كما أنه ذكر "عسقلان المدينة السورية على الساحل الفلسطيني"( هكذا حرفيا). وهو لم يشرح "فلسطين" و"الفلسطينيين" لقرائه الإغريق، بخلاف ما فعله حين ذكر الشعوب والأماكن الأخرى المجهولة لشعبه. وهذا يعني أن قراءه الإغريق كانوا يعرفون عماذا يتحدث. ففي أي سياق نضع هذه الإشارات أيضا؟
ـــــــــــــــــــــــــ
الصورة: «الربيعي» وصديقه المجرم «بهجت سليمان»، رئيس الفرع 251 في المخابرات العامة سابقاً، و الدكتور «أحمد داود» (دمشق 2019). ولمن جاء إلى سهرتنا متأخراً، ولا يعرف لماذا أقول عن «بهجت سليمان» بأنه مجرم، نذكره بأن هذا السافل ، وحين كان ضابطاً برتبة رائد في «سرايا الدفاع» في لبنان (1982)، قتل طالب دكتوراه من الحزب الشيوعي اللبناني وسرق أطروحته الجامعية التي كان على وشك أن يدافع عنها في جامعة «بوخارست»، ونسبها لنفسه بعد أن نشرها في دمشق. وهذا الجاسوس المجرم لا يحمل سوى شهادة الثانوية العامة التي دخل بها إلى الكلية الحربية في العام 1968. أما لماذا نقول عنه إنه جاسوس، فلأنه أدخل علماء آثار إسرائيليين ( من مختبر الآثار في جامعة بار إيلان الإسرائيلية) إلى سوريا ، رغم علمه بهويتهم الأصلية (كانوا يحملون جوازات سفر إيطالية وألمانية). وسرقوا يومها، بمعرفته ومعرفة شريكه «عمرو العظم» (مستشار «أسماء الأسد » لاحقاً ، وابن «صادق جلال العظم» بالتبني)، عينات كبيرة من آثار «قطْنا» في حمص وآثار «إيبلا» في إدلب، وأخرجوها عبر المطارات السورية بحمايته إلى إسرائيل (عبر تركيا). وهذه الواقائع كلها موثقة بتقارير سرية من شعبة المخابرات العسكرية، سبق ونشرت بعضها.
ملاحظة من فينكس: جورج فاضل متى هو اسم مستعار للمدعو نزار نيّوف