ماذا تعرف عن شارع "حشر الفقراء" بدمشق؟
زياد غصن- فينكس:
ربما أفضل تسمية للشارع الواصل بين ساحة الجمارك ووكالة سانا هي: شارع الحشر.
فالشارع المسمى حالياً باسم فوزي اللحام، وهو أول شهداء الطلبة زمن الانتداب الفرنسي، وتحديداً في مقطعه الممتد من كلية الاقتصاد وحتى وكالة سانا، يشهد منذ ثلاث سنوات ازدحاماً شعبياً سببه أزمة النقل التي تعيشها العاصمة. والذي يتحول مع تفاقم أزمة المشتقات النفطية إلى ما يشبه يوم الحشر...
هنا يصبح الوقت ثقيلاً جداً على موظف عائد إلى منزله بعد يوم عمل طويل محملاً بحاجات منزله.. على طالبة جامعية ربما تكون لا تزال على "لحم بطنها" بعد 3-4 محاضرات، على سيدة وأطفالها الصغار، على مريض كان في مراجعة لعيادة طبيب أو مشفى... إلخ
السبت الماضي، وبينما كان الليل يحاول بستاره الأسود أن يحجب عيوب الشوارع، حزن الأبنية، كآبة الناس، نظرات الأطفال التي باتت تشتهي كل شيء، وصل سرفيس إلى حيث يقع فرع الهجرة والجوازات. هرعت الجموع مسرعة، وتحلقت أمام باب السرفيس تمني النفس بمقعد يريحها من ساعات الوقوف الطويلة، ويوصلها إلى المنزل.
علا صوت امرأة بين الجموع، وبدأت تصرخ وتكيل المسبات لرجل يبدو أنه منع وصولها إلى باب السرفيس.
ردّ عليها الرجل بعبارات نابية وقاسية قائلاً بعصبية وانفعال شديدين: أنا موظف... منذ ساعتين وأنا أنتظر سرفيس...
لم تسكت ولم يسكت هو الآخر، إلى درجة وصل الأمر بينهما إلى التهديد بالضرب والسحل، ومع ذلك ظلت الحشود تتدافع للوصول إلى باب السرافيس، وعمال المطاعم القريبة يتفرجون.
ليست المرأة بقليلة أدب لتضع نفسها في موقف لا تحسد عليه.. وليس الرجل بمراهق ليجعل نظرات الناس تراقبه أو تحتقر ألفاظه...
عندما يكون الحل الوحيد لتصل إلى منزلك بعد يوم طويل من العمل والبحث عن الرزق، أن تنتظر لساعات مجبولة بقهر وذل، فماذا نتوقع أن تكون علاقات الناس مع بعضها البعض.
هذا الشارع للأسف... لا يسلكه أي من المسؤولين أثناء توجههم إلى مكاتبهم أو منازلهم،، من رئيس الحكومة حتى المحافظ...
هذا الشارع... هو لحشر الفقراء، ركاب السرافيس وباصات النقل الداخلي.
(ما أكتبه هو عبارة عن يوميات حقيقية..)