الميدان يصنع المستقبل.. وقف العدوان بشروط المقاومة
ذوالفقار ضاهر
أعاد العدوان الصهيوني على لبنان التأكيد على الحقيقة الإجرامية الساطعة للعدو الاسرائيلي ونواياه باتجاه كل بلدان المنطقة بدون استثناء، وهو أكد هذه العدوانية على مدار عشرات السنوات منذ احتلاله لفلسطين وعاد وشدد عليها منذ ما يزيد عن السنة عندما أطلق العنان لآلته العسكرية بارتكاب أبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وصولا لاعلان حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة ومن ثم توسيع العدوان على لبنان.
وهنا تطرح الكثير من الاسئلة البديهية المرتبطة بلبنان وحمايته وصون سيادته امام العدوانية الصهيونية، فماذا لو كان لبنان بلا مقاومة؟ وماذا لو سلّمت المقاومة سلاحها كما كان يطالبها البعض وما يزال؟ كيف كان لبنان سيقف بوجه هذا العدوان الصهيوني الهادف لالغاء عناصر قوته والسيطرة عليه وعلى قراره السيادي والسياسي؟ هل كان بإمكان لبنان رفع صوته ضد صوت القتل والغارات التي يرتكبها العدو الاسرائيلي؟ هل كان ما يسمى بـ”المجتمع الدولي” سيحمي لبنان؟ هل كانت الادارات الغربية والعربية وعلى رأسها الادارة الاميركية ستعلن التضامن لحماية لبنان من العدوانية الصهيونية؟ هل كانت الامم المتحدة بجمعيتها العامة او مجلس أمنها او القوات الدولية اليونيفيل او جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات ستحمي لبنان؟ هل كان البعض في لبنان ممن يدعي ان القرارات الدولية تحميه سيلعب دورا في هذا المجال؟
الحقيقة الساطعة هنا ان نموذج القرار الدولي الصادر عن مجلس الامن رقم 1701 الصادر في العام 2006 شكل خير مثال عن كيفية تقديم الحماية المزعومة من العالم لاي بلد يقف بوجه العدو الاسرائيلي ومن خلفه الارادة الاميركية ومن يعمل لديها او يحالفها من أنظمة العالم في الغرب والشرق والاقليم، فبخصوص القرار ارتكبت “إسرائيل” اكثر من 39 ألف خرق بري وبحري وجوي له منذ وقف “الأعمال العدائية” في يوم 14 آب/اغسطس 2006، وما نشهده اليوم في لبنان هو حالة مستمرة من الخرق الفاضح لهذا القرار، وكانت كل الخروقات أمام أعين ممثلي المجتمع الدولي والامم المتحدة اي قوات اليونيفيل التي كانت تسجل الخروقات وطالما دعت لمنع خرق القرار 1701 وحماية السيادة اللبنانية بدون اي مفاعيل عملية على الارض، فاستمرت الخروقات وصولا الى ما شهدناه من توسيع للعدوان على لبنان ومقاومته بدءا من تفجير اجهزة البايجر وصولا الى اغتيال عدد من قادته ومرورا بانتهاك السيادة اللبنانية واستهداف قرى الجنوب لا سيما الحدودية منها على مدار سنة كاملة.
وعندما توسع العدوان لم نجد في لبنان أحدا يقف بوجه العدو سوى المقاومة، ولم نجد أحدا يقف لحماية الوطن والدفاع عنه سوى المقاومة بإلتفاف واسع ودعم لا محدود من بيئتها واهلها والغالبية الساحقة من الشعب اللبناني، وبمواكبة رسمية مسؤولة، تعمل على الخط السياسي للمفاوضة باسم كل لبنان لحمايته من فرض أي التزامات غير محقة عليه عجز العدو عن تحصيلها بالميدان العسكري فيحاول الحصول عليها بالجولات الدبلوماسية للالتفاف على الواقع الذي يظهر اليد العليا للمقاومة في المواجهات البرّية.
ولا شك ان هذه المقاومة كما تدافع اليوم عن لبنان وتصد العدوانية الاسرائيلي، هي تساند غزة وشعبها ومقاومتها منعا لاستفراد العدو بها في تنفيذ لواجباتها الانسانية والاخلاقية والقومية والوطنية والعربية والاسلامية، في معركة لا لبس فيها بين الحق والباطل، فهي معركة جلية بينة لا تحتاج الى كثير من التحليل والحجج للاستدلال أين الشر وأين الخير؟ وهذا ما تمنّع عن فعله كل العالم بمن فيهم الدول العربية والاسلامية باستثناء ثلة من الاحرار يمثلهم محور المقاومة بمواجهة محور الشر الاميركي الاسرائيلي الذي يظن انه قادر على تركيع العالم وفرض ما يريد في المنطقة او فلسطين المحتلة.
وبالسياق، أكد الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته يوم 30-10-2024 انه “بالمقاومة نعطل مشروع إسرائيل، ونحن قادرون على ذلك أما بالانتظار بحجة عدم إعطاء الذريعة نخسر كل شيء، لأنه يمكن ان يباغتوننا في أوقات معينة، ويمكن ان يكونوا يعدّون إعدادات غير عادية…”.
وانطلاقا من كل ذلك يمكن توقع ما كان سيحصل للبنان لو كان بدون مقاومة تدافع عنه وتتصدى للاعتداءات الاسرائيلية، فلو كان لبنان بدون عناصر قوته وعلى رأسها المقاومة لا سيما العسكرية لكان العدو سيكرر ما جرى في العام 1982 وكنا سنراه يجتاح الاراضي اللبنانية وصولا الى بيروت حيث لا رادع يمنعه من تنفيذ ما يريد، لكن ما شهدنا خلال الاسابيع الماضية من تصدي بطولي للمقاومين على الحدود مع فلسطين المحتلة وإفشال العدوان البري الاسرائيلي على لبنان يظهر ان المقاومة تحمي الوطن وتمنع احتلاله واجتياحه على الرغم من ان العدو وضع كل ثقله الميداني العسكري بريّا مع الدعم الجوي بمختلف انواع الطائرات الحربية والمسيّرة، لانه يدرك ان الفشل البرّي يعني انه سيفشل وبالتالي تسجيل هزيمة جديدة له امام المقاومة في لبنان، ما يؤكد مقولة الشهيد الاسمى والاقدس القائد السيد حسن نصر الله “ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.
كل ذلك يؤكد ان المقاومة المنتصرة والمقتدرة في الميدان هي من تفرض الشروط لا العكس، وأن العدو المنهزم والعاجز عن تحقيق أهدافه، ليس بمقدره فرض الشروط على الداخل اللبناني وعلى المقاومة، وبالاطار قال الشيخ قاسم إن “المقاومة مستمرة في التصدي للعدوان وإذا أراد العدو وقفه نقبل بالشروط التي نراها مناسبة وأي حل يبقى بالتفاوض غير المباشر”، وشدد على أن “دعامة أي تفاوض هي وقف إطلاق النار أولا”.
موقع المنار