كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من وحي فُقاعةُ "ساعةِ الصّفرِ" الأمريكيّة

أبي حسن- فينكس:

ما جرى خلالَ الأسبوعَين الماضيَين من تجييشٍ إعلاميّ أمريكيّ ضدَّ روسيا، من ضمنهِ تحديدُ ساعةِ الصفر لغزوِ "أوكرانيا" منِ الجانبِ الروسيّ..، ومِن قبلهِ - بسنوات- توسُّعُ "الناتو" على الحُدود المُتاخِمة لروسيا جَنوباً وغرباً، يدلّ على أنَّ الولايات المُتّحدة لم تَعِ أنَّها لم تعُدْ وحدَها مَن يتحكَّم بمصيرِ العالم، على الرغمِ من وُجودِ ذراعِها العسكريّة "الناتو".
و للدلالة على مِصداقيّةِ قولنا نذكّرُ بالهُجومِ الجورجي على "أوسيتيا الجنوبيّة" التي تحوّلت فيما بعد وبسُرعة لِمعاركَ عنيفة بينَ القوّات "الأوسيتية الجنوبية" و"الجورجية" حولَ العاصمة "تسخينفالي" في آب /2008/، وسرعانَ ما تدخّلَ - سنتَذاك- الطيرانُ الروسيّ قاصِفاً مدينةَ "غوري" ومطارَ "مارثيولي" في العُمق الجورجي, غيرَ آبهٍ بتنديداتِ الغرب، و شاءَ القدر حينَذاك ما شاءَت روسيا، فهل ستأبهُ (روسيا) اليوم لِنَعيقِ الغَرب، وهيَ أشدُّ شكيمةً و قوّة وحُضوراً على المسرحِ الدوليّ من عام /2008/؟
قد يكونُ أحد أسبابِ السّعارِ الأمريكيّ هوَ إبقاءُ "أوروبا" في حالةِ مُواجهةٍ مَفتوحة معَ "روسيا البوتينيّة"، و مبرّرُ ذلك كي لا تكونَ "أوكرانيا" معبرَ الطاقةِ الروسيّة الى "أوروبا"، والمؤكَّد أنَّ "واشنطن" لا تسمحُ بعلاقاتٍ تجاريّة مُستقلّة عنها على هذا المُستوى.
و بالعودةِ إلى "ساعةِ الصفر" المُجيَّشِ لها أمريكيّاً، لم تنتهِ فقط بضحكةٍ مُشتركة مِن قِبَلِ "سيرغي لافروف" و "سيرغي شويغو"، بما تنطوي عليهِ الصورة التي حملتها ضِحكاتهُما مِن رسائلَ سياسيّة عابِرة للقارّات، بل تكلَّلت بزيارةِ الوزير "شويغو" إلى "سوريا"، فقد زارَ (قاعدةَ حميميم)، والتقى بعدَها بالرئيس السوريّ في (16) من شُباط /2022/.
و لاشكَّ أنَّ تلكَ الزيارة انطوت أيضاً على رسائلَ سياسيّة و عسكريّة على الصّعيدِ الدوليّ، مُنطلقةً من كونِ "سوريا" مركزَ الحَدَثِ الدوليّ الراهن، كما هيَ مركزُ توازُنِ العالم وفقَ ما أكّدتِ الأحداث.
فإذا ما أتينا إلى الشقّ العسكريّ، سنجد أنَّ أحدَ أوجُهِ الرسالة يقول إنَّ "الناتو" لا يُحاصر "روسيا" وإنِ اقتربَ مِنها، بلِ الأخيرة تطوّقهُ انطلاقاً منَ البحرِ المُتوسّط بوساطةِ القاعدة السوريّة (وفق ما يرى مراقبون)، بما فيها من صواريخَ باتت سُمعتُها من ناحيةِ الجودةِ و التقنيّة أشهرَ مِن نارٍ على عَلَم، والأرجح أنَّ الغرب لا يرغَب في أن تكونَ مُدنهُ و ساحاتُه ميدانَ اختبارٍ عمليٍّ و تطبيقيّ لصواريخِ "كينجال" فرط الصوتيّة.
أمّا على المُستوى السياسيّ، فلعلَّ أحدَ جوانبِ أهمّيّتها أنَّها أتت مُزامنةً معَ زيارةِ المَبعوثِ الدوليّ "بيدرسون" الذي كانَ متواجداً في سوريا في (16) من شباط /2022/ لمُناقشةِ جدولِ أعمالِ الجولة السّابعة من مُحادثاتِ اللجنة الدُّستوريّة في آذار /2022/.
ومَعروفٌ أنَّ الأخيرَ ليسَ مَبعوثاً نزيهاً، لا بل إحدى مهامهِ ألاّ يكونَ نزيهاً، كي لا نقولَ إنّهُ أقربُ إلى خَطّي "الجولاني" و"البغدادي".
ومن هُنا أيضاً تأتي أهميّةُ لِقاءِ "الأسد- شويغو" والذي أكّدَ الأخيرُ فيه على دعمِ بلادِهِ الكامِل للجمهوريّة العربيّة السوريّة حتى عودةِ سيادةِ الدولة على كاملِ التُّرابِ السوريّ.
عوداً على بدء؛ كما انتهت فُقاعةُ التهويشِ الأمريكيّ بضحكة (لافروف- شويغو)، نجزم أنَّها ساخِرة منَ الأمريكانِ و أذنابِهم، وإنّنا نكادُ أن نقول إنَّ بدايةَ انحسارِ "الناتو" عنِ الحُدودِ الروسيّة قد تكونُ من "دمشق.."؛ دمشق التي أعادت روسيا (دونَ مُبالغة) دولةً عُظمى على المسرحِ الدوليّ، بمعزلٍ عن مُلاحظاتٍ قد يُسجّلُها بعضُ السوريّينَ على الحليفِ الروسيّ، انطِلاقاً من رؤيتهِم لظواهرِ الأمور (وهذا حقُّهُم)، دونَ معرفتِهم ببواطنِها، وهذا ليسَ مَطلوباً منهُم.. ومَن يَعِش يرَ.