كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

شو صرلنا...؟

معن حيدر:

أتذكّر:
+عندما كنّا نعزّي بوفاة رجل كهنوت في كنيسة يبرود بادر أحد الحضور قبل أنْ يغادر، وهو فلاح بسيط من جيران المتوفَى، إلى رفع يديه وقال بكل عفوية: سَمْعونا الفيتحة عن روح المرحوم (أسمعونا الفاتحة) وبدأ بقراءتها،
رفع الجميع أياديهم وقرأ الفاتحة من قرأها، وبعد انتهائه مسح وجهه وقام مغادرًا وهو يقول: عظّم الله أجركم.
+وما حكاه لنا الصديق مهران يوسف عن قريبه الدمشقي الميداني العريق نبيل شويري الذي فتح صالونَي عزاء، بوالدته أو ربما والده، في بيته في الميدان، أحدها وضع فيه شيخاً مُقرِئاً للقرآن لمن يرغب من المعزّين.
+وما حكاه لنا المخرج الصديق ريمون بطرس عن أخيه الذي استشهد في إحدى المناوشات مع "إسرائيل" في مطلع الستينيات، وكان ملازماً مجنّداً في الجيش السوري. وكيف استقبل الجيرانُ من أهل الحي في حماه جثمانَه الطاهر وحملوه على الأكتاف، وأدخلوه إلى الجامع ليصلّوا عليه أولًا، ثم أخذوه للكنيسة لإتمام مراسم الجنازة.
+وعندما كنت في مطلع شبابي وحدث أنْ توفى شاب من آل سركيس كان يعمل مع أهله في ورشتهم لصناعة الصناديق الخشبية للشاحنات
وكيف كان وقع الخبر حزيناً على أهل يبرود بكل ألوانهم نظراً لأنّه كان شاباً ومحبوباً وتوفي بجلطة قلبية. وحضروا جميعاً، وكنت معهم، مراسم جنازته في كنيسة يبرود.
+وعندما، أيضاً وأيضاً في يبرود، رُسِم ابن يبرود المطران غيث، مطراناً للكنيسة الكاثوليكية ليبرود وحمص وحماة وتوابعهما، وكيف شكّل أهل يبرود، بكلّ ألوانهم، لجنة لترتيبات استقباله وخرجوا إلى مفرق الطريق الدولي دمشق/ حلب في موكب كبير وأوصلوه إلى الكنيسة حيث تمّتْ مراسم التنصيب وباقي الاحتفالية.
+وما كان يحكيه لنا والدي عن جدي الذي كان يحرص في كلّ فتاواه على تطبيق مضمون الحديث الشريف: ((يسِّروا ولا تعسِّروا...)).
وفي كلّ أحاديثه على مضمون نفس الحديث: ((... وبشِّروا ولا تنفِّروا))
وأنه كان أخشى ما يخشاه هو أن يقع في خطأ غير مقصود في إحدى فتاواه، فيدخل النار، وهو الدارس في دمشق وأستانة والقاهرة والحاصل على شهادات التقدير والأوسمة في مجال الإفتاء. هذا وإنّ فتاواه أغلبها في مسائل الحياة اليومية، فكيف بمن يفتون اليوم تحليلاً وتحريماً وتكفيراً بناء على كتب صفراء و يوتيوبات كلها تحريض.