كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

تجارة السمن البلدي في بادية الشام

المشرف على الدراسة د. عبد الله حنا:

إعداد الدارس في المعهد النقابي بدمشق محمود كناوي.( )
السمن البلدي معروف في منطقة بادية الشام بالسمن العربي، وهو مُسْتَخْرَج من حليب الغنم فقط. تتوفر هذه المادة في البادية بشكل أساسي، وتعتبر المورد الأساسي للبدوي مربي الأغنام. أثناء فصل الربيع تكون البادية في إحدى الحالتين، إما سنة موسم وإما سنة قحط. وفي سنوات القحط ترتفع الأسعار بسبب قلّة العرض وكثرة الطلب. من عام 1970 إلى 1980 كانت معظم السنوات سنوات موسم ( )
{خير عميم وانتاج وفير} وكانت كمية السمن كبيرة، والأسعار كانت بشكل معقول بالنسبة لدخل المواطن.
إن كل 20 كيلوغرام حليب غنم تعطي من 1-1.5 كغ سمناً صافياً. وكل رأس غنم (أي غنمة) تعطي يومياً من نصف إلى كيلوغرام سمن، هذا إذا كانت المراعي جيدة. أما أنواع السمن فهي كالآتي:
- السمن الجبلي (جبل أبو رجمين، جبل البلعاس، جبال شمالي تدمر): إن السمن في هذه المناطق أفضل أنواع السمن، لأن هذه الجبال تحتوي على نباتات وزهور تعطي للسمن نكهة جيدة جداً، وهو من أغلى أنواع السمن، وبلغ سعره تقريباً عام 1987 حوالي 170 ل. س للكيلو في منطقة تدمر.
- سمن البادية (سمن الحماد): والحماد هي المنطقة ما بين تدمر ودير الزور باتجاه الجنوب قليلاً، وفيها تقع منطقة الشق والمحطة الثالثة، والسمن فيها من النوع الجيد أيضاً، ويأتي في الدرجة الثانية بعد السمن الجبلي، وبلغ سعره هذا العام 1987 حوالي 165 ل. س للكيلوغرام.
- سمن بقية المناطق المحيطة بتدمر: وهذا السمن يتم التعرف عليه من قبل المشتري، حيث يقوم بفحصه بطريقة التذوق والشم، فإذا كان غير مغشوش، يساوي سعره سعر سمن الحماد تقريباً أو أقل قليلاً.
ويتم استخراج مادة السمن من الحليب بإحدى الطريقتين:
أ- طريقة الفرز بواسطة آلة يدوية تدعى الفرّازة، وهي تفرز الحليب إلى قسمين: القسم الأول (المصل) أو القريشة، والقسم الثاني (الدسم) أو الزبدة ويتم استخراج السمن من الزبدة بسهولة.
ب- طريقة الجُف (الظرف)، والظرف هو جلد الماعز الذي يكون على شكل كيس النايلون ذي فم صغير، ويتم وضع الحليب وتحريك هذا الوعاء لمدة طويلة فينفصل الدسم عن المصل، وهذه الطريقة تكون أفضل لمادة السمن، ويكون السمن أغلى بهذه الطريقة، إلا أنها طريقة تحتاج إلى عمل شاق وجهد أكبر. وبعد انشار الفرّازة تراجعت طريقة الجف، وأصبحت نادرة.
طريقة البيع والشراء:
عندما يجلب البدوي مادة السمن إلى المدينة (تدمر غالباً) لبيع هذه المادة، يقوم بوضعها عند أحد التجار وأصحاب المحلات، ويكون هذا التاجر على معرفة قديمة مع البدوي، أي يكون بينهما علاقات مشتركة وديون وما شابه ذلك. يقوم التاجر بوضع السمن على باب المحل بشكل علني، فيجتمع حوله المشترون وهم تجار متفرغون لهذا العمل، أي لبيع وشراء مادة السمن. فيقوم التجار المشترون بالمزاودة على هذه المادة. فيقول أحدهم "من هذا السمن الكيلوغرام الواحد لا يساوي أكثر من 160 ل.س"، ويقول آخر "أنا أشتريه بمبلغ أكثر" وهكذا حتى تنتهي المزاودة التي تكون علنية وأمام البدوي وأمام صاحب المحل، فإذا وافق صاحب المحل استشار البدوي حول السعر ويتم الوفاق وتباع الكمية.
يأخذ صاحب المحل عمولة (كمسيون) من البدوي حوالي 1–2 %، أي على كل تنكة سعتها 20 كغ حوالي 25 ل. س، وأحياناً لا يأخذ منه شيئاً بسبب المصالح المشتركة التي تربطهما ببعض. عندما يأخذ المشتري السمن يقوم بعملية (العنبر) عنبرة السمن، وهذه العملية هي اختصار تصفية السمن من الشوائب (الدبس) الذي يعلق بالسمن بسبب الظروف (الجف) وتصفيته من بقايا اللبن، وذلك بتسخينه إلى درجة 50–60 مئوية فتترسب الشوائب ويطفو اللبن فوق السمن. ثم يقوم بتعبئته بالصفائح (التنك) بشكل كامل بحيث لا يدخله هواء، لأن ذلك سيفسده. وإذا كانت التنكة مملوءة بشكل جيد لا يدخلها الهواء إطلاقاً يمكن أن يبقى السمن فيها بحالة جيدة من 20–30 شهر، أي حوالي السنتين. ويبيعه التاجر إلى بائعين مفرق أو مستهلكين. أما الأسعار تكون حسب العرض والطلب، ففي مثل هذا العام الكمية قليلة جداً، لذلك بلغ السعر حوالي 170 ل.س للكيلوغرام من السمن. أما في العام الماضي (1986) فبلغ السعر حوالي 60 ل.س للكيلو غرام من السمن، باعتبار كانت سنة جيدة للمراعي.
عملية كشف سمن الظرف عن سمن الفرازة: "سمن الجف" يكون أنعم من سمن الفرّازة، أي يشبه الماء أكثر، وأحياناً لا يستطيع التاجر تمييزه، ويشتريه على الثقة بين البائع والتاجر. هذه الأيام لم يعد يهتم لتلك الطريقة لأنها أصبحت نادرة جداً. فنادراً ما نجد سمن تم استخراجه بالظرف، أي الجف.
عملية غش السمن: ضُبطت عدة مرات كميات من السمن مغشوشة من قبل البدوي، إذ يضيف إليه مادة دهن الغنم أو يضيف إليه سمن بقري أو سمن يصعب على التاجر أحياناً تمييزه، إلا بالتحليل وكشف كمية الدسم في السمن. وهناك بعض التجار الخبيرين بهذه العملية يعتمدون على حاستيْ الشم والذوق، فعندما يشم السمن ويتذوق طعمه، يستطيع معرفة السمن إن كان غنمي كامل أي سمن عربي غير مغشوش أو مغشوش. 
المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب