كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

آليّة الوصول لنظامٍ ضريبيّ أكثرَ عدالة

رانية قادوس - فينكس

يشكّل مردود النظام الضرائبيّ العمود الفقريّ لمواردِ موازنات الدُّوَل، لذلك يسترعي هذا النظام أهميّةً وعنايةً قُصوى في كلِّ البلدان، ولا سيَما المتطوّرة منها، فأسَّست لذلكَ أنظمة وشبكات يكونُ دورُها حِساب المترتّبات الماليّة على المُكلَّفين وتحصيلها، ومنع التهرُّب من سدادِ هذهِ الواجبات نحوَ الدولة وباقي أفراد الشعب ومُحاربته. وقد تمَّت تجربة أنظمة وأساليب عِدّة للوصول الى أفضلِ مداخيلَ للخزينة من جهة، وأكثر عدالةً معَ المُكلَّفين من جهةٍ أخرى، ليُعادَ صرفُها عبرَ المُوازنات على الشعب.

يتحدّث التاجر "ماجد سلطان" لمنصّة "فينكس" بتاريخ ١٧/٢/٢٠٢٢ مُبدياً رأيهً في النظام الضريبيّ الحاليّ، وهوَ صاحب وكالات عدّة لعددٍ منَ المُنشآت الغذائيّة في مُحافظة اللاذقية، مُبيّناً أنَّ النظام الضريبيّ الحاليّ يُعاني مشاكلَ عِدّة تؤثّر سلباً على التجَّار والمُواطنين، مُتسائِلاً لِمَ لا يتمُّ الاتفاق بينَ وزارتي التجارة الداخلية والمالية على تحديدِ نسبةٍ واضحة وثابتة لمَن يُصنّفونَ الأرباح الحقيقيّة؟، مُوضِحاً أنَّ هناكَ غموضاً كليّاً يشوبُ ذوي الدخل المقطوع في تحديدِ نسبةِ أرباحهم الحقيقيّة، مؤكّداً أنّهُ لا توجدُ عدالة في اقتطاعِ الضريبة بينهُم، كالطبيب والحلّاق وميكانيكي السيارات، ويرى أنَّ الحلّ يكون في الأتمتة كوسيلة، حيثُ تعدّ أسهل فعاليةً بكثير منَ البطاقة الذكية، وذلك لأسباب عدّة - وفقَ حديث "ماجد سلطان" -، أوّلُها سهولة الحصول عليها من خلالِ تواجد فُروع كثيرة للمصارف العامّة والخاصّة، وثانيها سهولةُ الدفع في الشركات الخاصّة والمؤسَّسات العامّة، وكذلكَ التجَّار ومُختلف المِهَن، وثالثُها سهولة اقتطاع الضريبة والعمولة للبنوك وخزينة الدولة.

ويُشير "سلطان" إلى إيجابيّات الأتمتة في اقتطاع الضريبة بشكلٍ مُباشر، وبنسبةٍ بسيطة لا تؤثر على المِهَن والأعمال التجاريّة، ككتلةٍ ضخمة يتمّ اقتطاعُها في نهايةِ كلِّ عام، كما أنَّ استخدامَ الأتمتة يؤدي إلى عدمِ وجودِ هدرٍ كبير وتلَف للعملة الورقيّة، وتوفيرِ طباعة عُملةٍ جديدة كلَّ فترة، مُضيفاً أنَّ اقتطاعَ الضريبة الحقيقيّة منَ التجّار والصناعيّين سيؤدّي إلى رفدِ خزينة الدولة، وبالتالي تستطيعُ الدولة زيادةَ الرواتب والأجور، بدلاً من وصولِ هذهِ العمولات أو نسبةٍ منها إلى جُيوبِ الفاسدينَ والمُرتشين.

الدكتورة "سهير غدير" المُختصّة بالمصارف والمُحاسبة في كلية الاقتصاد بجامعة "تشرين" أوضحت لمنصّة "فينكس" في حديثها بتاريخ ١٩/٢/٢٠٢٢ حولَ النظام الضريبيّ وآليّة عمله أنَّ هناك فرقاً بينَ حساب الضريبة المترتّبة على المؤسّسات أو الأفراد وتكليفهم بها، وبينَ جباية هذهِ الضريبة، فحسابُ الضريبة يحتاج جهازاً ضخماً يدقّق البيانات، ويُحقّق في الأرباح لكي يصلَ إلى أفضل عدالة مُمكنة للخزينة وللمُكلَّف.

وتتابع د. "غدير" القول: "لقد لُوحِظَ أنَّ معرفةَ المُواطنين وثقتهم بالجهة التي ستذهب إليها الضريبة المدفوعة تزيد من التزامهم بها، لذلكَ لا بدَّ من زيادةِ ثقافةِ المواطن بالمكان الذي تذهب إليه الضريبة ومعرفتهِ به، وحصولهِ على خدماتٍ حقيقيّة مُقابلَها، مثل (الرواتب والكهرباء والماء والهاتف وغيرها)، وذلكَ لتحسينِ العلاقة بينَ المُكلَّف والدولة.

ومنَ المؤكّد أنَّ الالتزامَ الضريبيّ سيتحسّن بتحسُّن ثقةِ المُكلَّف بالدوائر المالية، لا سيَما من جهة شرح الأنظمة والقوانين له، وتبيان حقوقهِ وواجباته، والشفافية في التعامُل معه، ما يقتضي تطويرَ آليّاتٍ عملٍ ونهج توعية للمُكلّفينَ عامّة، واختيارَ نوعيّةِ أفرادِ المؤسّسات المالية منَ العناصر ذوي الخبرة والمصداقية للتعامُل مع المُكلَّفين مباشرة".

وحولَ تحقيقِ العدالة في الاقتطاع الضريبيّ منَ المواطنين توضح د. "غدير" أنَّ العديدَ منَ الدول حاولت تحقيقَ العدالة الضريبيّة، بحيث يتناسب مقدارُ الضريبة معَ مدخولِ الأفراد واستخداماتهِم ورفاهيتهم، وكانت الضرائب المُطبَّقة مباشرةً على المبيعات أو الأعمال إحدى هذه الطرائق، لتحصيلِ العائد للخزينة فوراً. ومن أكثر الضرائب تطبيقاً ونجاحاً ضريبة القيمة المُضافة على السِّلَع والأعمال، والتي يُمكن أن تُطبَّق بشكلٍ تصاعُديّ، كما أنّها تتناسب مع نوعيّة المُنتجات والمستفيدين.

وترى أنَّ الدول المُتقدّمة لجأت إلى تطبيقِ الحكومة الإلكترونية لبعض أعمال التدقيق وحساب الضرائب، والأهمّ لتسديدِ هذهِ الضرائب، وذلكَ بغرضِ تسهيلِ أعمالِ تقديم البيانات والتدقيق فيها، ومن ثمَّ التسديد على المُكلَّفين، فقد أسهمت هذهِ الآليات بتحسينِ مصادر الجباية والحدّ من مُعدّلات الفساد.

وبيّنت أنَّ الدول المُتقدّمة لجأت إلى تقاطُع المعلومات لكشف التهرُّب الضريبيّ، وذلكَ من خلالِ حصول المؤسّسات المالية على معلوماتٍ من باقي الجهات الرسميّة (بنوك ومصالح عقارية ومديريّات تجارة ..الخ)، والكشفِ عن وجودِ تعامُلاتٍ ماليّة غير مُصرَّح بها، ليتمَّ التحقيقُ فيها عندَ حصولِها، دونَ الحاجة لاستدعاءِ المُكلَّفينَ عنِ الأعمال المُصرَّح بها إلاّ للضرورة، ما يقلّل هدرِ الوقت، ويُريحُ المُكلَّفين، ويمنعُ التهرُّب، مُشيرةً إلى أنَّ أموالَ التهرُّب تُصبح عبئاً على المُكلَّف في حالِ أرادَ استخدامَ أيٍّ منها في أيِّ عملٍ أو قطاع.

وأعربت عن أملِها في أن يُطبَّقَ ذلك في "سورية" لِما لهُ من فائدة على الجميع من مواطنينَ وتُجَّار، كما أنّهُ يحفظ حقَّ الدولة، وفي المُقابل يُحقّق العدالة في الاقتطاع الضريبيّ.

إذاً، لابدَّ من معرفةِ أنَّ أيّ تغيير في النظام الضريبيّ سيكونُ لهُ أثر إيجابيّ أو سلبيّ، مؤقّت أو دائم ، قريب أو بعيد المدى على المُواطنين وحياتهم الاجتماعية ومَعيشتهم، لذا لابدَّ منَ التأنّي والحرص والدراسة الدقيقة لأيّ خُطوةٍ أو قرار في هذا الشأن، وإعادةِ التقويم مع تطوّر التجربة وتحسينها.

المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب