كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

د. عبد الله حنا: الأجواء الاقتصادية – الاجتماعية المؤثِرة في تخلخل الطبقة العاملة وتراجع تكوّنها

في خمسينيات القرن العشرين أخذت تظهر معالم تكوّن الطبقة العاملة السورية، وازدادت هذه المعالم وضوحا في ستينيات ذلك القرن، ولكن هذه المعالم أخذت في الاختفاء نتيجة مجموعة عوامل نشير إلى أهمها:
1 ـ استمرار بقايا العلاقات الإقطاعية ورسوخ أقدام بعض ظواهر ما قبل العهد الرأسمالي وما قبل الدولة الحديثة: كالقبلية والعشائرية والعائلية والطائفية والمذهبية وغيرها .
2 ـ وجود الأنماط الحرفية والفكر ’’الدكنجي" المولّد لفكر ووعي اجتماعيين منغلقين على ذاتهما...
3 ـ ضمور معالم البرجوازية الوطنية المنْتِجَة صناعيا, أو المرتبطة بالإنتاج المحلي. وهذا مما أسهم في تراجع العقلانية وأفكار الحداثة والعلمانية والوعي الوطني, الذي طمحت إليه هذه الطبقة في سعيها إلى السوق الوطني الموحد، قبل ضعفها نتيجة التأميم وعوامل أخرى.
4 ـ تراجع عملية تكون طبقة عاملة برزت بعض سماتها في منتصف القرن العشرين, ثمّ ما لبثت أن تراجعت أو اختفت ظواهر التكوّن هذه, تحت وطأة عوامل كثيرة. وهذه الظاهرات أثّرت سلبا على الحزب الشيوعي وغيره من الأحزاب اليسارية، التي ادّعت تمثيل الطبقة العاملة.
5 ـ تراجع حجم الفئات الوسطى ومكانتها وتقلّص دوائرها الاجتماعية مما أدى إلى أمرين:
* تسلّق أعداد قليلة نحو الأعلى لتحتل مركزا في حلقة العلاقات الطفيلية والبيروقراطية, التي تشدد الخناق على الطابع العصري الحديث للدولة وتدفع بالأمور باتجاه تحويل الدولة من دولة احترام القانون وتطبيقه على الجميع دون "استثناءات" إلى "دولة تسلطية" تستأثر الفئات الحاكمة فيها بالنصيب الأكبر من الثروة المجموعة من المواطنين, أو الآتية من العوائد النفطية. وويل لمن يحتج أو يرفع الصوت مناديا بالعدالة الاجتماعية وتوزيع فوائض الإنتاج على الجميع!
* هبوط القسم الأكبر من الفئات الوسطى نحو الأدنى. ولكن الفئات الوسطى في هبوطها لم تتحول في أكثريتها إلى قوى منتجة (عمالية, فلاحية, حرفية, مثقفة مبدعة فكرا) بل غرِقت وتغرق في الأعمال غير المنتجة, ويتحول قسم منها إلى فئات رثة أو مهّمشة. ولهذه الظاهرة آثار خطيرة في مختلف مناحي الحياة.

وهذه الظاهرة، ظاهرة تراجع الطبقة الوسطى، هي أحد أسرار تراجع الثقافة وسطحيتها نتيجة ما أصاب الفئات الوسيطة مبدِعة الحضارة مِنْ وهنْ وإذلال وقهر كانت الدولة الأمنية وأجهزة مباحثها مسؤولة عن ذلك الإذلال والفقر.
***

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى دور الاقتصاد الريعي في تراجع تكوّن الطبقة العاملة ودورها في الحياة السياسية في وقت تجلّت فيه ظاهرتين هما:
- ترسّخ أقدام الدولة الأمنية..
- وصعود الاسلام السياسي وبخاصة أجنحته المتزمتة والمتحجرة، التي تنهل من الماضي السلطاني العسكري الدموي، متعامية عن الجوانب المشرقة في حضارتنا العربية الاسلامية.

إن ظاهرتي: صعود تيارات الاسلام السياسي وتحكم الدولة الأمنية بمصائر البلاد والعباد يعود في حيّز كبير منه إلى هيمنة الاقتصاد الريعي على معظم الأقطار العربية. وهو ما سنتناوله في حلقة تالية.

المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب