غزة من يدفع فاتورة المواجهة الأخيرة؟

فاضل المناصفة- فينكس

تستأنف الحياة مجراها في غزة، لكن عقارب الساعة لاتزال متوقفة. بعد أكثر من شهر على  وقف إطلاق النار، بعد تصعيد استمر ثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي الفلسطيني، والذي أودى بحياة 49 فلسطينياً، غزة الذي تقع تحت حكم حماس، تجد نفسها مرة أخرى أمام تحدي إعادة الإعمار وإعادة إسكان المتضررين. وسط يأس كبير للسكان الذين فقد بعضهم كل شيء.

معاناة إنسانية كبيرة  

يقول أحمد شملاخ البالغ من العمر 15 سنة، هو أحد أبناء عموم الأسرة: "كانت بناية عمي. لديه 11 طفلاً وأربعة منهم يدرسون في الجامعة... عندما قصف الإسرائيليون المنزل، لم يتمكن أي منهم من أخذ الكتب وأجهزة الكمبيوتر... لا شيء على الإطلاق! لقد وجد الجميع أنفسهم بدون أي شيء في بداية العام الدراسي. لديهم فقط الملابس التي كانوا يرتدونها عليهم... لذلك نطلب من المجتمع الدولي أن يستمع إلينا، ليرى ما حدث لنا. لقد فقدنا كل شيء: لم يعد لدينا منزل ولا مزيد من المال لاستئجار منزل آخر".عدوان اسرائيلي على غزة

تجد عائلة شملاخ الأن نفسها مقسمة في بيوت العائلات والجيران بعد أن تهدم منزلها بالكامل ويقول أحمد 21 سنة: "حتى الكتب التي اشتريتها في السنة الرابعة من الطب تم إتلافها... لقد اشتريتها، لكنني لم أتمكن من تصفحها بعد انهيار المنزل بما فيه، لقد كان الكتب باهظة الثمن، ما يحزنني أكثر هو أن هناك أيضاً كتباً كنت قد استعرتها من الطلاب منذ سنوات، للدراسة، واختفت أيضاً مع الركام.

الوضع نفسه مع أيمن الريفي، الذي فقد منزله وأصيبت أسرته بأكملها في الغارات الإسرائيلية الأخيرة، إلى حشر أطفاله التسعة في منزل صغير مشترك مع أقارب آخرين، يعيش 19 فرداً من عائلته الممتدة معا في مساحة ضيقة من غرفتين. والأسوأ من ذلك، أنه بسبب نقص التبرعات الدولية، لم يستطع معرفة متى يمكن لإعادة الإعمار في غزة أن تتسارع وتيرتها.

ويخشى أيمن أن يؤدي التأخير إلى تشريد عائلته لسنوات، كما حدث مع عشرات العائلات الغزية التي فقدت منازلها في صراعات سابقة.

ولا يختلف الوضع كثيراً بالنسبة لخليل كانون، جار الريفي، الذي تضررت شقته بشدة ولم تعد صالحة للسكن، بالاضافة الى عشرات العائلات التي تواجه المصير نفسه في ظل وضع اقتصادي سيئ للغاية، لا يسمح لهذه العائلات بالاستئجار خاصة وان أسعار الاجارات تعرف ارتفاعا كبيرا في قطاع غزة.

 حماس: تكلفة المواجهة مليار و 230 مليون دولار

والواقع أن إعادة إعمار غزة تجري بدون السلطة الفلسطينية، حيث تقدم وزارة الأشغال العامة والإسكان التي تديرها حماس في غزة التقارير الفنية المطلوبة إلى الجهات المانحة مثل قطر ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بينما تقوم هذه الهيئات بصرف الأموال للمستفيدين.

واجهت عملية البناء العديد من العقبات في المضي قدماً بسبب الحصار الإسرائيلي المزمن على قطاع غزة، ووفقا للوزارة التي تديرها حماس، دمّر التصعيد الإسرائيلي الأخير في القطاع 25 وحدة سكنية، وجعل 80 وحدة أخرى غير صالحة للسكن جزئياً، وتضرر 1,908 وحدة سكنية ولكنها صالحة للسكن.

وقال ناجي سرحان، وكيل الوزارة التي تديرها حماس، إن غياب المانحين هو التحدي الأبرز في عملية إعادة الإعمار الجارية حاليا مقارنة بعملية إعادة الإعمار التي جرت في عام 2014.

وأضاف المسؤول أن إعادة الإعمار اقتصرت حتى الآن على المنازل الصغيرة، ولم يتم تقديم أي تعهدات بتجديد المباني الشاهقة المدمرة.

وتقول حماس أن الحصار أثر بشكل كبير على  القطاعين الصناعي والزراعي، بالإضافة إلى تأخر إعادة اعمار المباني والمجمعات السكنية،

وتقدر تكلفة إعادة إعمار إجمالي الأضرار خلال الحروب السابقة على قطاع غزة بنحو 1 مليار دولار أمريكي، منها 230 مليون دولار لقطاع الإسكان، و800 مليون دولار لتعويض المتضررين في القطاعات الاقتصادية والصناعية والزراعية.

المتضررون يلجؤون للأونروا 

اصطف حشد واسع من متضرري عدوان الاحتلال الإسرائيلي يوم الإثنين الماضي، في وقفة احتجاجية غاضبة أمام البوابة الغربية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بمدينة غزة، دعت إليها لجنة متضرري عدوان 2014 واللجنة المشتركة للاجئين والقوى الوطنية والإسلامية.

وقال منسق اللجنة المشتركة للاجئين وعضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف: "للسنة التاسعة على التوالي وملف إعادة الإعمار لمتضرري 2014م في حالة انتظار وترقب لأخبار سارة من قبل الأونروا للمباشرة بتعويض المتضررين وإعادة اعمار منازلهم المدمرة، حيث أن الطواقم الهندسية للأونروا قامت بحصر الأضرار وتحديد قيمة التعويض للضرر وتم إبلاغ المتضررين بحقوقهم، وتم التوقيع على عقود ما بين الوكالة والمتضررين وبالتالي أوعزت الوكالة للمتضررين بمباشرة إعادة الإعمار لبيوتهم خاصة الأضرار البسيطة والمتوسطة وتسديد عن المتضررين عند وصول الأموال، الأمر الذي تنكرت له الوكالة ولم تقم بالتسديد وقد أصبح المتضررين عرضة للملاحقة القضائية".

تركيا لم تعد تفعل شيئاً 

اكتفت تركيا بعد وقف الهجمات الإسرائيلية الأخيرة بارسال بعض المساعدات الطبية عن طريق هيئة الإغاثة الإنسانية التركية.

في عام 2014 كانت تركيا قد أعلنت عن خطة لبناء 320 وحدة سكنية للفلسطينيين المتضررين من المواجهة العسكرية الذي جرت في العام نقسه بين حماس وإسرائيل.