كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مجاهد من حماه.. الحاج مـصطفى الديب السبسبي

خالد محمد جزماتي- فينكس:

هو مصطفى بن محمد بن ديب السبسبي المولود في حماة عام 1881، نشأ وتربى تربية صالحة، وكان كغيره من أبناء جيله في مدينة حماة يتفاعل مع الأحداث السياسية التي تجري محلياً و إقليمياً، وكان قوي الشكيمة ويساعده في ذلك قوته الجسدية، وقد ساهم في تأييد القوى المحلية في بلده حماة لدعم قيام الحكم العربي في بلاد الشام وقيام المملكة العربية السورية بزعامة الملك فيصل بن الحسين...
و لما احتل الفرنسيون البلاد، كان الحاج السبسبي مجاهداً مع أخوانه ضد المحتلين الفرنسيين، ولقد حمل السلاح وقاتل مع ثوار حماة يوم 4 تشرين الأول 1925، و لما فشلت الثورة و أخمدها الفرنسيون خرج مع القائد فوزي القاوقجي و رافقه في جميع تحركاته، و بعد أن وصلا إلى العراق ومعهما كثير من الحمويين الثائرين كعثمان الحوراني ومحمد مكرم الكيلاني نزلوا ببلدة "هيت" العراقية ثم قصدوا مضارب قبيلة "عنزة"، وهناك تم توقيفه من قبل الانكليز لمدة ثلاثة أيام ثم أُخلي سبيله بعد نجاحه بعدم اعطائهم أية معلومات تهمهم..
وبعد انضمامه الى مجموعة فوزي القاوقجي عادوا جميعاً باتجاه الأراضي السورية، وفي الطريق هاجمهم بعض من البدو وسلبوهم مالهم وجيادهم، فاضطروا إلى السير على الأقدام، حتى وصلوا إلى الضمير السورية ثم التقوا بثوار الغوطة، وقد خاض الحاج مصطفى السبسبي أكثر معارك الغوطة مع القاوقجي، و أشهرها معركة "حوش الريحان" شرقي دوما، وفيها أُصيب القائد فوزي القاوقجي في بطنه، فحملة المجاهد السبسبي على ظهره وسار به قاصداً مكاناً آمناً، و لكنه أيضاً أُصيب (السبسبي) في رجله، وكان الجنود الفرنسيون يلاحقونهم، وهناك كان السياسي الدمشقي المعروف "صبري العسلي" يقاتل مع مجموعتهم، فساعد القاوقجي والسبسبي وسهر على راحتهم حتى وصول الدكتور المجاهد أمين رويحة، حيث عالجهما وضمد جراحهما..
ولقد لاحقت الطائرات الفرنسية المجموعة وأطلقت عليهم رشاشاتها، فأصابت الدكتور رويحة أيضا.. ثم تم نقل الجريح مصطفى السبسبي إلى دوما واستضافه في بيته السيد عمر جعرش لمدة ستة أشهر، وفي تلك الأيام جرت حادثة فيها أمر يستحق التمحيص والتفكر، فقد كان صاحب البيت السيد عمر متزوجاً من أكثر من واحدة، فطلق إحداهن وأمرها برعاية وخدمة الجريح مصطفى السبسبي، وبعد شفائه خطبها لنفسه وتزوجها وأنجبت له ولداً...
كان أبناء جيل المجاهد مصطفى الديب السبسبي يعرفونه بالحمية والشجاعة التي تمتع بها طول حياته، وأشهر أعماله التي ترجم بها نخوته هي قيامه بإيصال كل من المرحوم سليمان المعصراني وشقيقه والمرحوم عبد الرحمن المعصراني الى جبل العرب.. و أيضاً قيامه بمرافقة زعيم مجاهدي حمص نظير النشيواتي ورفيقه حيث قاتل متصرف حمص الموالي للفرنسيين فوزي الملكي.
و ساهم في إيصال المجاهد خيرو الشهلة الى اعزاز (شمال حلب) و منها إلى الأراضي التركية، وذلك بعد أن سلمّهما الوطني الحموي خالد العوير إليه سالمان و بعد أن رافقهما من حماة إلى حلب، وقد تكفل السبسبي والعوير بجميع التكاليف المطلوبة لنقل ومرافقة النشيواتي والشهلة إلى حلب ثم إلى تركيا بعد أن استضافهما الشهم خالد العوير في منزله ثمانية أيام كاملة..
في العام 1938 صدر العفو العام من قبل الحاكم الفرنسي، فعاد الحاج مصطفى السبسبي إلى حماة، وكان يعرج على رجله بسبب إصابته في معارك الغوطة، فقام الدكتور "اليسار" باجراء عملية جراحية له، ولكته بقي يعرج طوال حياته..
أخيراً: يذكر المؤرخ أدهم اّل الجندي في كتابه "تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي" أن الحاج مصطفى الديب السبسبي منحته الحكومة السورية تعويضاً قدره "13" ألف ليرة سورية تعويضاً له عن بيته الذي دمّره الفرنسيون أثناء ثورة حماة.