كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المجاهد الشهيد "حسن سلامه"

خالد محمد جزماتي- فينكس:

( 1912 -- 1948)
كلما تفاقمت الأحداث وكثر ضحاياها، واشتد أزيز الرصاص، وأصمت شدة أصوات الصواريخ والقنابل الاّذان، وانثقبت الطبلات، وعاش الناس وأنا منهم في ليالي مظلمة، وسيطر انطباع باليأس من قادم الأيام.. تسرع ذاكرتي لتنقذني مما أنا فيه كغيري من القدامى الذين عاشوا أحداثاً محلية و إقليمية وعالمية جرت في العالم، وهي قد عبثت ببلادنا وبأمتنا وبمن يسكن ويقيم معنا من مختلف البشر الذين قدموا إلينا عبر تاريخنا المديد..قد تكون صورة ‏شخص واحد‏
أتذكر بلادنا والحروب التي جرت، وثورات شعبنا خلال عهود الاستعمار الغربي لأرضنا الغالية.. تذكرت ما جرى في بلاد الشام وأرض الرافدين ومصر والحجاز والخليج العربي.. فتلك ثورة رشيد عالي الكيلاني رئيس وزراء العراق الذي ثار على حكم الانتداب الريطاني في ربيع عام 1941، و أزعم أن تلك الثورة خير مثال على وحدة الشعب العربي وباقي المكونات الاسلامية والمسيحية، فقد اشترك فيها من الفلسطينيين (كما وثقت المصادر الفلسطينية) 165 مقاتلاً قادهم المجاهد الفلسطيني "حــســن ســلامــه" (1912-- 1948)، فمن هو؟
الشيخ حسن سلامة من مواليد قرية "قولة" التابعة لقضاء اللد عام 1912، وقد نشأ في بيئة محافظة متدينة، و كان شيخاً يقوم بتنفيذ فروضه الدينية، ويساهم في إعمار دنياه ودنيا الاّخرين، وهو من الذين أمضو جل أعمارهم في الكفاح الوطني السلمي والثوري المسلح، و لا غرو في ذلك، فهو من مدرسة الشيخ المجاهد عز الدين القسام.. وقد بدأ جهاده بشكل عملي عام 1933 في فلسطين ضد جنود الاحتلال البريطاني والمهاجرين الغرباء، وأعظم جهاده كان في اضراب عام 1936 الشهير، حيث كلفته الهيئة العربية يقيادة القطاع الغربي الأوسط من فلسطين بين عام 1936 وعام 1938، وهو بطل نسف القطار البريطاني العسكري بين اللد وحيفا.. ولقد لاحقه الانكليز، وجدو في طلبه حياً أو ميتاً، فاضطر للخروج من العراق إلى سورية ثم إلى تركيا وهكذا حتى وصل إلى ألمانيا الغارقة في حربها مع دول الحلفاء..
فاستغل الشيخ حسن سلامه وجوده في ألمانيا، حيث انتسب إلى المدارس العسكرية الألمانية وتخرج منها ضابطاً حربياً، وتم تكليفه مع عربي آخر وثلاثة ألمان في مهمة عسكرية في فلسطين عن طريق الهبوط في شمال البحر الميت بالمظلات، ولكن حدثت أخطاء في مكان الهبوط، فتم أسر العربي واثنان من الألمان، ولكنه نجا ورفيقه الألماني بعد أن كسرت ساقه بعد الهبوط بالمظلة والتجأ الاثنان إلى مخيم بدوي ينصب خيامه في منطقة هبوطهما من الطائرة، فأسعفوهما واّووهما وأحسنوا ضيافتهما...
واستطاع بعد ذلك الخروج من فلسطين إلى سورية بعيداً عن أعين الانكليز.. ولكنه عاد إلى الجهاد في فلسطين عام 1947 بعد صدور قرار التقسيم، و اتصل به اللواء اسماعيل صفوت وكلّفه بقيادة منطقة اللد وخاض معارك عدة مع المستعمرات اليهودية وقواتها المختلفة، وفي إحدى المعارك التي خاضها في ضواحي تل أبيب التي أدت الى هزيمة قوات "الهاغانا" وقد تركوا فيها 25 طفلاً دون سن العاشرة، فأمر الشيخ حسن سلامة بعدم ايذائهم وتسليمهم إلى منظمة الصليب الأحمر..
وتتابعت المعارك في ذلك القطاع حتى نفذت ذخيرة المجاهدين وجرح الشيخ سلامه يوم 5 نسان 1945، وتمت معالجته، ولما تم شفاؤه عاد إلى الميدان، وخاض معركة رأس العين الشهيرة القريبة من القدس الشريف التي أصيب فيها إصابة شديدة بشظية في عنقه فارق الحياة على أثرها في مستشفى اللد العسكري يوم 2 حزيران 1948...
فلسطين عربية من النهر إلى البحر وهي الجزء الجنوبي من بلاد الشام، وبلاد الشام إقليم رئيسي وأساسي من الأقاليم العربية.. 
رحم الله جميع شهداء الأمة
ملاحظة مهمة: المقال مختصر جداً، و أعتبره حافزاً للمهتمين بتاريخنا الذي يحاول تشويهه البعض من أبناء جلدتنا الذين يبحثون عن التفاصيل العجيبة لشبابنا وماذا قدموا وحاولوا من أجل اقامة الدولة العربية الواحدة بعد التضليل الاعلامي الممنهج من نفس القوى التي تفتك بشعبنا وتخطط بجميع الوسائل لتفكيكه وابقائه ضعيفا وذلك اذا كانت ظنوننا معقولة.