كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

لماذا تضع الحكومة نفسها في موضع الشبهة؟

فينكس- أُبي حسن

"من وضع نفسه موضع الشبهة، فلا يلمن من أساء الظن به" الإمام علي بن أبي طالب

لا نريد أن نظن السوء بحكومتنا، لكن مع الأسف هي من تضع نفسها أحياناً في هذا الموضع! و إلّا كيف سنفسّر القرار الجائر و غير المدروس، لا بل و الارتجالي الذي أخذه بعض "فرسانها" من خلال إلزام المزارعين شراء عبوات معدنية (تنك) من المعاصر بغية تعبئة زيتهم فيها، مانعة علي المعاصر و المزارعين معاً التعبئة في العبوات البلاستيكية المعروفة (البيدونات)؟

جنّد القائمون بهذه المهزلة وزارة الزراعة بغية إقامة ندوات سريعة للحديث عن مخاطر العبوات البلاستيكية، بذريعة أنّها تسبب السرطان! و المفارقة أن الحكومة ذاتها تعبّئ الزيت النباتي في عبوات بلاستيكية، و غيره الكثير من المواد الغذائية كعبوات الماء مثالاً لا حصراً، فهل عبواتها مضادة للسرطان فيما العبوات (البيدونات) البلاستيكية الخاصة بالمزارعين مسرطنة؟كتاب مديرية التجارة الداخلية بخصوص العبوات المعدنية للزيت ايلول 2022

و طالما أن هذه "العبوات" العائدة للمزارعين مسرطنة فعلاً، فلماذا تسمح الحكومة أصلاً بوجود المعامل التي تنتجها؟ و لماذا لا تقوم بإغلاق هذه المعامل حال صدقت في ما تقول؟ من ثمّ الكثير من المزارعين يضعون زيتهم حال وصوله إلى المنزل في براميل معدنية، بمعنى أن العبوات البلاستيكية تقتصر وظيفتها على نقل الزيت من المعصرة إلى البيت، هذا حال كانت خشية الحكومة على صحة المواطن فعلاً..  

من جانب آخر: هل تعتقد حكومتنا الموقرة أن أبناءها المواطنين يعيشون في بحبوحة و رخاء (ما بعده رخاء) اقتصاديين كي تفرض عليهم شراء تلك العبوات المعدنية التي يُقال أن ثمن كل عبوة سبعة آلاف ليرة؟ فمن ينتج عشر عبوات معدنية سيحتاج إلى سبعين ألف ليرة هو بغنى عن دفعها في ظل الضائقة التي يعيش في ظلها السوريون، لاسيّما أن أمام المزارع عدة أجور قبل أن يصبح زيتونه زيتاً في بيته، منها أجور عمّال القطاف و أجور نقل الزيتون إلى المعصرة ثم أجور المعصرة و نقل الزيت منها.. الخ..؟

و لماذا اتخاذ هكذا قرار بالتزامن مع بدء موسم القطاف؟ هل كي لا يتسنى الوقت اللازم للمزارع للاحتجاج على هكذا قرار غير مقنع لا بل و ظالم؟

ثمة شائعة يتناقلها بعض السوريين، و لا ندري مدى قربها من الواقع، تقول الشائعة إن أحد رجال الأعمال لديه مصنعاً في حسياء و لديه فائض مليون عبوة معدنية، و يبدو أن بعض الحكومة "أشفق" عليه، فكان هذا القرار.. نؤكّد مجدداً أنّها شائعة و تتناقلها أفواه المواطنين، و لا نلوم من يصدقها خاصّة أن القرار المعمم على المعاصر غير منطقي إطلاقاً..

في ثمانيننات القرن الماضي، كان يوجد مدير تربية في طرطوس، يُلزم الطلاب بارتداء لون محدد من بدلة الفتوة التي كانت سائدة، و قيل يومها شبيه ما يُقال عن معمل حسياء راهناً..

خلاصة القول: لا نتهم، و لا نشكك بنوايا الحكومة، لكن ما تطرقنا إليه يدفع المواطن للشك ببعض حكومته، من هنا نتمنى على السيد رئيس الحكومة العمل على إلغاء ذلك القرار رأفة بالمزارعين الذين لا ينقصهم المزيد من المتاعب كي لا نقول المآسي.