كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ديمقراطية نظيفة يعني بيئة نظيفة

رسل جمال- فينكس:

ان عزوف الناس عن السياسة، او كرههم  لأخبارها ما هي إلّا ردة فعل للخيبات التي واجهها الجمهور جراء التغيير، فلم تلب الديمقراطية العراقية طموح الناس، لذلك استمر التناقص في نسب المشاركة في الانتخابات، حتى وصلت نسبة المقاطعة اكثر من ٥٩% حسب الارقام التي اعلنتها المفوضية العليا للانتخابات النيابية الاخيرة.  
المقدمة البسيطة هذه ماهي الا مقارنة بسيطة، مع ما تعيشه اليوم تركيا من ممارسة ديمقراطية، عبر الانتخابات الرئاسية المحمومة والتي شهدت ولأول مرة بتاريخ تركيا اجراء جولة ثانية، لشدة التنافس بين الخصوم، ولضئالة الفارق بينهم، وهذا يدل على المشاركة الواسعة من جمهوري المتنافسين على الرئاسة.
إذ خلقت التجربة الديمقراطية التركية وعي جمعي، وان ما يعيشه المجتمع من تقدم وتطور هو بفضلها، واحدى ثمارها.
تنقل لنا (السيدة ضبية) عبر وسائل التواصل، وهي سيدة عراقية مقيمة في تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي، التحول الذي أصاب المدينة التي تسكنها، فهي شاهد عيان على التطور العمراني، والعمل الحكومي على ارض الواقع.
فالسيدة كأغلب النسوة لا شأن لها بالسياسة، إلّا انها تروي قصة التغيير من خلال مشاهداتها الحية، لعملية البناء للبنى التحتية التي تقوم عليها تركيا اليوم كدولة معاصرة، وما تتمتع به من بيئة نظيفة وصحية وشوارع وطرق جميلة، وسواحل سياحية تستقطب السياح من كل بلدان العالم، فالحال لم يكن كذلك، إذ تقول السيدة أن أغلب المدن التركية التي زارتها آنذاك كانت تعاني من انتشار الروائح الكريهة، لافتقارها للانظمة الصرف الصحي، كذلك انتشار الحشرات، وهذا بدوره أدى الى انتقال الأمراض بين السكان، كذلك انتشار الجريمة في الشوارع من اللصوص والمحتالين.
تؤكد السيدة ان كل شيء بدأ بالتغير عندما تسنم أردوغان رئاسة بلدية اسطنبول العام ١٩٩٤، اذ عمل الرجل على تحويل المدينة من شكل الى شكل اخر، جعلها نقطة البداية للتحول الكبير الذي تشهده تركيا اليوم، كونها من الدول المتقدمة، وإحدى وجهات السياح المفضلة في جميع انحاء العالم، اذ تعد المطارات التركية من اكثر الامطارات نشاطاً سياحياً.
هذا بدوه أكسب أردوغان شعبية واسعة لدى الأتراك وجعل له رصيداً من الأفعال دعم شعاراته التي ينادي بها، لذلك أصبح رئيساً للوزراء وتبعها رئيساً للجمهورية، مما جعله يتمتع بصلاحيات اكثر للعمل لمصلحة تركيا ومد جسور التعاون بينه وبين دول العالم، وهذا ما شهدته السنوات الاولى لرئاسته، اذ شهدت المفاوضات بانضام تركيا للاتحاد الاوربي تقدما كبيراً في عهده، وهذا بدوره أدى الى انتعاش في البنى التحتية بما فيها قطاع الطرق والمطارات وشبكات القطارات فائقة السرعة، مثل ثورة عمرانية ونهضة حقيقة، كان له الاثر الكبير في تقدم تركيا أقليميا ودوليا، جعل منها لاعباً اساسياً في رسم سياسات المنطقة.
حتى لا يفهم القارئ مما تقدم اننا بصدد الترويج لاردوغان او عمل دعاية انتخابية لحزبه خصوصا وهو يخوض غمار الانتخابات الرئاسية غير الميسرة، بسبب التنافس الشديد، مما يؤكد ان مسيرتة في اعمار اسطنبول، لم يكن كافيا بالنسبة للاتراك، للتصويت له بشكل جماعي، مما يدل ان الناس تتطلع بأستمرار الى المزيد من الانجازات وتطمح الى من يقدم لها الخدمات، وهي ترى في الانتخابات فرصة للانتقاء بين البرامج الانتخابية واختيار من يلبي طموحها وما تصبو اليه.
هكذا يكون  توظيف الديمقراطية على ارض الواقع، وكيف يختار الجمهور مرشحهم عبر البرنامج الذي يقول به اولاً، ويعمل به وهذا الاهم ثانياً.
ان العراق يشهد بعض الخطوات الملموسة في الاعمار في الاونة الاخيرة، الا ان العمل الحكومي لابد من يعضد بالعمل التشريعي، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات مجالس المحافظات، وهي الانتخابات الاهم بالنسبة للمواطن كونها ستمثل الادوات التشريعية لاعادة اعمار المحافظات، وتكون فرصة للتنافس للمرشحين عبر برامج يقدمونها تكون اكثر واقعية وفائدة للناس، بعيدا عن الشعارات الفارغة التي اسهمت بنفور الناس من التجربة الديمقراطية، واعراضهم عن الانتخابات.