كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ماذا يعني لي 26 أيار؟ وعن "لعنة" النفط

د. جوليان بدور- فينكس:

يوم السادس والعشرين من شهر أيار هو يوم استثنائي وعلامة فارقة في حياتي. ففي مثل هذا اليوم من عام ١٩٩٢، أي قبل إحدى وثلاثين عاماً، دافعت عن أطروحتي للحصول على شهادة الدكتوراه في جامعة اكس إن بروفانس الفرنسية. والحمد لله تمت المدافعة بخير وحصلت على درجة امتياز بالإجماع. كان عنوان الأطروحة "الريع البترولي عنصر معرقل للتنمية الاقتصادية في الدول البترولية".
بعد الدكتوراه كتبت مقالات عديدة تم عرضها في أكثر من ثلاثين دولة في مؤتمرات علمية، وتم نشر بعضها في إحدى المجلات المتخصصة والأكثر شهرةً عالمياً وباللغتين الانكليزية والفرنسية. مأطروحة جوليان بدور 1992 عن2 النفطن بينها على سبيل المثال لا الحصر Energy Policy الامريكية، energy sector management الانكليزية، Revue de l’économie industrielle الفرنسية و Revue de l’énergie الفرنسية وغيرها من المجلات والصحف الفرنسية.
كما ألفت كتاباً مع أحد الأصدقاء بعنوان "عناصر الاقتصاد الكلي" وغيرها من الكتب المشتركة.
‎النتيجة الرئيسية لرسالة الدكتوراة هي إن الريع النفطي لا يعتبر عاملاً مساعداً للتنمية الاقتصادية في الدول المنتجة للبترول، وإنما عنصر معرقل لها.
بمعنى آخر، لماذا لم تتمكن الدول المصدرة للبترول من تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية ومستدامة كالتى حصلت في الدول غير النفطية ككوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة والصين وغيرها من الدول؟ والجواب بكل بساطة بأن الريع النفطي وماولّده من تحسّن في مستوى المعيشة لم يات كنتيجة للجهد أو عمل أو خطة اقتصادية تشارك فيها جميع القوى والفعاليات الاقتصادية للدولة والمجتمع بل هو هبة من الطبيعة تم اكتشافها واستخراجها من قبل الشركات النفطية العالمية والتي استحوذت بالنتيجة على القسم الاكبر منه.
ثانياً: ساهمت الوفرة النفطية بشكل كبير في نشر ثقافة الاستهلاك والتقاعس والفساد واستيراد المواد الجاهزة للاستهلاك، مما أدى الى تراجع كبير في انتاج المواد المحلية وحوافز العمل والابتكار.
ثالثاً: ان القطاعات النفطية والاستخراجية والخدمية نمت وتوسعت على حساب القطاعات الانتاجية الوطنية، مما زاد من تبعية الدول النفطية للخارج (أي ما يسمى أعراض المرض الهولندى). وبالمحصلة كنّا قد توقعنا منذ ثلاثين عاما ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية في الدول البترولية حالياً. ولكن الشيء الذي لم نتًوقعه أو نتخيله ولو للثانية واحدة، هو ان يستخدم الريع البترولي لبعض حكومات الدول النفطية بطريقة مباشرة وغير مباشرة في تدمير وتخريب إقتصاديات الدول العربية غير النفطية. لهذه الأسباب كنا قد كتبنا وصرحنا بأن اكتشاف النفط في الدول العربية هو نقمة وليس نعمة على هذه الدول وعلى بلداننا.