كتب المحلل السياسي لفينكس:
مع إعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تحديد موعد استئناف مفاوضاتها مع الدول الغربية وفق الصيغة المستبدة للحضور الأمريكي من خلال (4+1)، باتت وسائل الإعلام الصهيونية والمسؤولين الصهاينة السابقين هم أكثر تعبيرا عن الحال الذي وصل إليها الكيان الغاصب من العجز وفقر الحالي في مواجهة إيران واستهدافها كما كانت تطمح وتخطط له الحكومات الإسرائيلية السابقة.
2021.11.20
حيث مثلت مجموعة من العوامل والتطورات في المرحلة الأخيرة, أكثر الصور تعبيرا عن هذا العجز وخيبات الآمال للإسرائيليين, فبعد فشلها في الكثير من المحاولات المارتونية لدفع الولايات المتحدة الأمريكي لشن عدوان عسكري كبير على إيران منذ ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب, أصبحت اليوم أمام خيبتين متتاليتن: الأول ما كشفه الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) الجنرال الإسرائيلي غيورا آيلاند, في بحث صدر مؤخراً عن مركز بيغن للدراسات, عن إن "إيران باتت تمتلك صواريخ دقيقة لدرجة إنها قادرة أن تقصف 80% من إسرائيل في وقت واحد ومن جبهات متعددة, وأي حرب معها ستصب لصالح تدمير إسرائيل".
بينما خيبة الأمل الثانية تمثلت في تسارع وتيرة التقارب بين بعض دول الخليج وبخاصة السعودية مع الجمهورية الإيرانية, حيث يشكل مثل هذا التقارب تحطيما كاملا للصهاينة في إقامة ناتو عربي يكون بديلاً عن الناتو الغربي لشن عدوان على إيران, وهو مايعني في جانب آخر فك العزلة والحصار عن إيران وتخفيف الضغوط عليها.
بالمجمل يمكن القول إن كل خيارات الكيان الإسرائيل من خطة سميت ب(أ) والمتضمنة استخدام القوة العسكرية ضد إيران, والخطة (ب) والمتعلقة بزيادة الحصار عليها, أصبحت دون جدوى وربما دخلت في سبات سريري طويل الأمد, فلم يعد للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية على الدخول في حروب حاسمة في ظل تغير موازين القوى, والاقتصاد الإيراني تكييف مع العقوبات والحصار وبدأ بإيجاد الحلول عن طريق الانفتاح باتجاه العمق الأسيوي والدخول في شراكات استراتيجية منفردة مع دوله كروسيا والصين, أو بالانضمام لتحالفاته وتكتله الجماعية وكان آخرها قبول إيران في منظمة شنغهاي, كما إن عدم قدرة المشاريع الغربية في تحقيق أهدافها في العراق واليمن وسوريا ولبنان شكلت عاملا قويا للانفتاح على إيران لحل الأزمات المفتعلة في هذه الدول.
ليبقى أمام الكيان الإسرائيلي خطة ثالثة وأخيرة تسميها صحيفة معاريف بالخطة "س" وتتضمن فكرة إشارت لها مجلة فورين بوليسي الأمريكية مؤخرا, قوامها: "إنه في حال عدم تمكن إسرائيل من الدخول بحرب عسكرية مباشرة مع إيران أو عبر حلفائها الغربيين أو العرب، فإن عليها إبقاء حالة الحرب قائمة". وهذا يعني اتباع سياسات وإجراءات وتكتيكات يكون هدفها الاستمرار في استهداف إيران وتوظيفها بشكل دائم.
وتدور أركان هذه الخطة بين عناوين ثلاثة: أولها رفع وتيرة الحرب السيبرانية ضد إيران وانتقاء مراكز حيوية بعناية جد فائقة ليكون تأثيراتها كبيرة ومؤثرة لاتقل خطورة عن حجم الأضرار العسكرية وإن كان بالإمكان تكون أكثر تأثيرا فهذا يحقق مصلحة متضاعفة, ثاني تلك العناوين: استغلال تردي الأوضاع الاقتصادية المتردية في الداخل الإيراني لتجنيد عملاء يساهمون في القيام بعمليات فوضى بالتزامن مع تفعيل الحرب الإلكترونية وحرب الشائعات لإبقاء النظام الإيراني في حال انشغال داخلي, المرتكز الثالث لهذه الخطة افتعال أزمات في الدول التي تعيد تصحيح علاقاتها مع إيران واتهام الأخيرة بالوقوف خلف في محاولة لإعادتهم لدائرة الخصومة والتنافس والتوتر في العلاقات.
عندما يتحدث رئيس الحكومة الإسرائيلي "نفتلي بينت" في اجتماع حكومته المصغرى بإننا يجب ان نتبع كل أشكال الحرب على إيران, فهذا التسريب الداخلي لايأتي في إطار الترويج الإعلامي السياسي الحزبي والانتخابي, بل يأتي نتيجة الخطر الذي باتت تشكله الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب كامل محور المقاومة في إسقاط المشروع الصهيوني بالمنطقة, ولذلك فإن الصهاينة سيلجؤون لكل الخيارات الممكنة في محاولة الحفاظ على وجودهم.