"علي حسن آفاق" 30 عاماً من النجاح التجاري في طرطوس
2021.11.13
رنا الحمدان- فينكس- خاص:
هوَ وجهٌ معروفٌ في محافظة طرطوس، حقّقَ نجاحاتٍ عمليّةً مُميّزة على مُستوى المُحافظة، استطاعَ محلّهُ المعروف باسم "مُجمّع آفاق" لبيعِ الأدوات الكهربائية والإلكترونيّة مع قسمهِ المُخصّص للصيانة أن ينالَ ثقةَ الكثيرِ من أبناءِ المُحافظة عبرَ حفاظه على قاعدة المُنتَج الجيّد والربح المعقول.
ولأنّ القصّة بدأت ببساطة من الطفولة وبرأس مالٍ بسيط، وبفكرٍ مَرِن وتجاريِ وربّما حظٍّ جيّد، وصولاً لبناءِ مولٍ تجاريٍّ مُميّز يحمل الاسم نفسه على طريق (طرطوس-صافيتا)، فقد كانَ من الجيّد أن نضيءَ عليها، لتكونَ قصّةَ أملٍ وإنجاز لكلّ صاحبِ إرادةٍ وفِكرٍ وحلم، للبدءِ والعملِ والسعي، وخصوصاً أنّ السيد "علي" كان أنموذجاً لابنِ البلد البارّ الذي حافظَ على عملهِ خلالَ الأزمة، ولم يفكّر في السفر، كما استطاعَ أن يؤمّنَ العديدَ من فُرَصِ العمل للكثيرِ من الشباب والصبايا في السنوات الماضية.
وعلى الرغمِ من صعوبة الأحوال والظروف الحاليّة التي نمرّ بها إلّا أنّ السيد "علي" يتفاءل، متوقّعاً أنّ الأمور ستبدأ بالتحسُّن، وأنّ عام (2023) سيكونُ انطلاقةً جديدة للعمل بالتزامُن مع عودةِ الإعمار وضخِّ العديد من الأموال داخل البلد حينها.
" من بجنة الجرد إلى طرطوس"
يروي السيد "علي حسن" لِفينكس أنّ البداية كانت مع والده السيد "محمد حسن" وهوَ من مواليد 1939، حينَ قامَ بالنقلة الأولى بعد زواجه من خلال شرائه محلّاً صغيراً في سوق طرطوس، ليبدأ كمحلّ سمانةٍ بسيط، مع السكن في حيّ الغمقة الشرقية بالمحافظة وبغُرفتين بداية، توسُّعاً وتحوّلاً اليوم لمبنىً سكنيّ.
"السيد محمد" المُجِدّ والصَّبور والآتي من حياة الجرد القاسية، إذ قدم من قرية "بجنة الجرد" في آقاصي ريف الدريكيش إلى مدينة طرطوس مطلع ستينيات القرن الماضي، صار أباً لِ 5 بنات و4 شباب، وباتَ منزلهُ مَقصداً لكلّ قريبٍ و صديق في حاجةٍ للنزولِ إلى المدينة لأيّ غرض كان في ذاك الزمن، كان و مازال محباً للناس و الضيوف.
أمّا "علي" المولود عام 1966 فكانَ طاقةً مُتّقدة، وكانتِ الحياةُ تضجُّ بقوةٍ في عقلهِ الصغير، تمكّنَ من إقناعِ والدهِ كي يفتتحَ لهُ محلّ سمانة في حيّ الغمقة وهو في الصفّ السابع الإعدادي عام 1979 ليتمكّنَ من مُساعدةِ والده ويزيدَ من موارد العائلة.
وبالفعل كانَ الأمر، وأصبحَ العملُ يتحسّن يوماً بعد يوم، وبدأ "علي" باستجرارِ بعض المواد المرغوبة من لُبنان ويبيعها. ومعَ نهاية المرحلة الإعدادية دخلَ "علي" مدرسة الصناعة، وبدأ بتعلُّم صيانة الالكترونيات التي كانَ أصلاً شَغوفاً بها في تلك الفترة، انطلاقاً من حُبّه للموسيقى والمُسجّلات، ومُحاولتهِ إصلاحَها بمُفرده ورؤية ما في داخلها، ومن ثمّ تحوّلَ لصقلِ خبرته بتعلُّم الصيانة وذلك من خلال عملهِ لدى مصلّح أدوات كهربائية في شارع الزهور وسط المدينة، حتى أتقنَ هذهِ الصنعة، ليتزوج بعدها في عمر 26 عاماً ويصبح أباً لولد وابنتين.
" البدء بالأجهزة الالكترونية"
هُنا كانت نقطة التحوّل الثانية، فقد تحوّلَ المحلّ القديم في السوق (الكائن في شارع الزهور) لبيع القطع الإلكترونية، ليتوسّع في عملهِ ويضطرّ للاستعانة بمعلّميه وأصدقائه لافتتاح قسمٍ مُخصَّصٍ للصيانة. ومع تحسُّن الأعمال، والبدء ببيع الأجهزة الكهربائية منذ عام 1989 أصبحَ "علي" يشتري بينَ الحينِ والآخر محلّاً يُجاور محلّهُ للتوسّع، ومن ثمّ انتقل لاستيرادِ بضاعةٍ من الصين والتعامل مع وكالات وشركات الأدوات الكهربائية.
وفي عام 2004 كانَ قد وصلَ عددُ المحالّ التجارية إلى (7) تمّ افتتاحُها كالمُجمّع الذي باتَ عليه الوضع حالياً، ليشتري بعدها محلّاً آخر ومن ثمّ مستودعاً على طريق (صافيتا) مكان مول آفاق التجاري المعروف راهناً، فقد استطاعَ الحصولَ على ترخيصِ مول ليُباشر في بنائه عام 2009 وافتتاحهِ عام 2015.
وعن تلكَ الفترة يروي لنا "السيد علي" أنّ الوضعَ الاقتصادي كان لا يزالُ مقبولاً رغم الحرب التي كانت دائرةً في مناطقَ مُختلفة من سورية، وكانت الانطلاقة ممتازة و الإقبال شديداً حينها على المول الذي كان يتضمّنُ مطعماً وقِسماً للأطفال وأقسامَ بيعٍ متنوعة ومُختلفة فيه، إضافةً إلى قسمٍ لبيع السيارات المُصنّعة محليّاً، كما ترافقَ مع تقديم هدايا وسحوبات عبر برنامج "هديتك بإيدك" الذي كان يُبَثّ من المول على الفضائية السورية حينها، كما تمّ بثّ ما مجموعه 48 ساعة على التلفزيون إضافةً لتكريم العديد من المتفوقين وأسر الشهداء في تلك الفترة..
" تغيُّر الأحوال"
معَ تراجُع الأوضاع المعيشيّة وضراوةِ الحرب الاقتصاديّة التي ظهرت بشدّة في العامَين الأخيرَين، بالتزامن مع كورونا تراجعت الأعمال نتيجةِ ضَعف القُدرة الشرائيّة، والارتفاع الجنونيّ للأسعار والضرائب المُرتفعة، فتمّ إيقاف 75% من أقسام المول.
وعن أسباب الغلاء غير المعقولة التي نشهدها رأى "السيد علي" أنَّ غياب التنافس الحقيقي في مجال الاستيراد و المصنّع محليّاً، أسهمَ بقلّة المواد في السوق مما أدي إلى رفع الأسعار. ودعا "علي" لِضرورةِ وضعِ آلياتٍ جديدة لاستيرادِ المواد وتسعيرِها لخلقِ جوٍّ جيّدٍ من المُنافسة، وتأمينِ وصول جميع الموادّ إلى الناس بأفضلِ الأسعار، الأمر الذي من شأنهِ حلحلةُ الواقع الاقتصاديّ وتحسينه وتحسينِ أحوالِ الناس التي ضاقت بها الأحوال.
"ذهنية عمل"
لم يحصَل "السيد علي" على تعليمٍ عالٍ، ولم يكُن هذا الأمر هاجساً له، وعن هذهِ النقطة يقول: "كنتُ مُستعجلاً على العمل ولم أكُن أربِط بين مُتابعة الدراسة والنجاح في الحياة، بل كنتُ مُقتنعاً بأنّ التوجُّهَ للعمل مُباشرةً خُطوة أكثر نجاعة، وزادَ الزمن من ثقتي بما سعيتُ له وما حققتهُ خلاله، وهذهِ الفكرة كنتُ قد نقلتُها لابني "محمد" الذي كنتُ أصطحبهُ معي إلى العمل مذ كان صغيراً، أعرّفهُ على التجّار وأريهِ كيف أعمل، وهوَ صديقي وسندي في العمل حالياً، كما تزوّج يافعاً وبتُّ جداً لطفلٍ وطفلة هما عنوانان لسعادتي في الحياة، وحتى ابنتي التي حصلت على شهادة الثانوية العامّة وسجّلت إدارة أعمال مؤخراً تنزل بصُحبتي إلى العمل أحياناً لتتعلّمَ وتخبرَ الحياةَ العمليّة حيثُ العمل قيمة وواجب، والأمل دوماً بأن يعودَ الازدهارُ والأمل إلى قُلوبِ الجميع.