ما لا يريدون أن تعرفوه عن اتفاق 17 أيار 1983 الذي كاد يقضي على كيان لبنان

د. كمال ديب

إنّ نص اتفاق 17 أيار 1983 بين لبنان واسرائيل والذي ألغاه الرئيس أمين الجميل قبل إقراره هو ليس كما يصوّره البعض بأنّه كان فرصة للبنان وضيعها. بل كاد اتفاق 17 أيار 1983 لو وقعه رئيس الجمهورية سينهي الجمهورية اللبنانية ويجعل كيان لبنان مسخاً اسرائيلياً ما يجبر كل أهله على الهجرة.
وضع النص وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز وبسرعة في 4 أيّار 1983 وصوت عليه برلمان لبنان في 17 أيار كما وضعه الأميركي شولتز دون تغيير حرف واحد. ثم ألغاه أمين الجميل وذهب إلى دمشق وشكل حكومة وطنية لبنانية عام 1984.
ساوم نص اتفاق 17 ايار على السيادة اللبنانية بأنه يفتح لاسرائيل مكتب تمثيلي في ضبيه شمال بيروت وليس تبادل ديبلوماسي بين بيروت وتل آبيب فلا يكون ثمة اعتراف اسرائيلي بدولة لبنان، ويمنح اسرائيل الحقّ في ممارسة سيادة أمنية في جنوب لبنان حتى نهر الأولي شمال صيدا وخلق ثماني مجموعات عسكرية مشتركة لبنانية -اسرائيلية "لملاحقة المخربين"، وجعل حدود اسرائيل العملية هي نهر الزهراني، أي شمال مجرى نهر الليطاني الذي يصبح بموجب اتفاق 17 أيار ملكاً لاسرائيل، وتكليف ميليشا "جيش لبنان الجنوبي" بقيادة سعد حداد حراسة الجنوب حتى نهر الزهراني، وحرمان الجيش اللبناني الشرعي من نشر أي من قواته جنوب نهر الزهراني. أمّا شمال نهر الزهراني وحتى عكار فلا يحق للجيش اللبناني الشرعي حماية الحدود المستجدة بأكثر من لواء واحد وبتسليح خفيف، ومنع أي أجهزة رادار لبنانية وأي طيران لبناني أو غير لبناني فوق النصف الجنوبي الذي تحتله اسرائيل من لبنان بدون موافقة مسبقة من اسرائيل. وكذلك إنهاء حالة الحرب بين لبنان واسرائيل ومنع أي نشاط إعلامي أو تربوي عدائي ضد اسرائيل في لبنان، ومنع نقل أي معدات أو أسلحة أو بضائع تعتبرها اسرائيل مضرّة بأمنها عبر لبنان إلى كل الدول العربية، وأنّ على لبنان أن ينهي خلال عام أي اتفاقات أو تعهدات رسمية مع أي جهة عربية أو دولية تُعتبر معادية لاسرائيل. وكل هذا يعني أن يصبح لبنان محمية تابعة لاسرائيل.
هذا أيتها السيدات وأيها السادة هو اتفاق 17 أيار المذل للبنان ولم يكن طاقة للبنان آنذاك على تحمله. فكفانا زوراً وبهتاناً أنّ 17 أيار أحسن من غيره.