بين ريتا وعيوني بندقية
محمود اسماعيل
هكذا قالها محمود درويش حيث كانت البندقية في البدء وعداً..... وعد العائدين بخبزهم ودفاترهم ودفء قلوبهم.....
لكنها حين اشتد الصهيل نسيت أنها كانت حارسة للحلم... وصارت حداً بين جسدين كانا يعرفان بعضهما كما تعرف الأرض رائحتها بعد المطر....
ضاعت البندقية حين ظنت أنها طريق الخلاص... لا جرحه...
وضاع الحب في الزحام.... بين نشيد الجنود وصمت العشاق... بين رصاصة... تبحث عن هدف... وقلب يبحث عن عذر ليبقى حياً....
ريتا لم ترحل... لكن المسافات اتسعت حتى صارت نهرا من الخوف...
والعين التي كانت تكتب القصيدة.. صارت تنظر إلى الفراغ... تبحث عن ظل لصوت كان يوما يناديها...
فني العمر... كما تفنى الأغاني التي لم يكملها المغني الأخير...
فني العمر... وبقي صدى البندقية يختلط بصدى القبلة المؤجلة...
وبين الاثنين...
ظل الشاعر واقفاً يحمل في قلبه وطناً ضائعاً وامرأة اسمها ريتا....
ويقول في سره:
كم كان الحب أجمل قبل أن يتعلم وجهه معنى الحدود...
وهكذا فنيت أعمارنا.. وضاعت قضايانا.. وتقلصت أوطاننا... لا نحمل منهم إلا الذكرى....