علويون نصيريون.. هذا اسمنا الأول والآخر

ريتا خير بك

نحن أبناء طريقٍ عرفاني باطنه معرفة ونور، وظاهره خُلق وعمل. ديننا سلوكٌ وتجربةٌ ومسؤولية، لا وصاية فيه لأحد على قلوبنا.
أقولها بمحبةٍ صادقة: أحب شيعة العراق. أحب علمهم ورصانتهم واحترامهم للمعرفة وحدودها. أحب أنهم، حين يخاطبوننا، لا يمدّون يدَ وصايةٍ على عقيدتنا، ويعرفون أن لنا طريقتنا الخاصة ولسنا امتدادًا فقهيًا لأحد. هذه معرفة مؤدبة قوامها الاحترام.
ثم يجيئك (متشيع جديد قديم )قابع في هوامش الدعوة السياسية في ايران لا في جوهر العلم، يريد أن يعلّمك مَن أنت، ويمنحك بطاقة انتسابٍ لم تطلبها. يا صاحبي، الهوية ليست ملصقا يُلصق من الخارج، بل عهد يُحمل في الداخل. هل في العلم حياء؟ الحياء أن تعرف حدّك أمام تاريخٍ روحي تشكّل قبل خطابك بزمن طويل.
لم تدرج حوزات النجف يوما نصيريتنا ضمن مذاهبها، وهذه حقيقة هادئة لا خصومة فيها. وفي ذروة النفوذ الإيراني في سوريا لم ينجح مشروع التشييع بين العلويين إلا في عشرات معدودات، عاد أكثرهم إلى بيئتهم. الواقع أن من تبدّل مذهبيا في تلك السنوات كان من خارجنا غالبًا. هذه وقائع اجتماعية، لا شماتة فيها ولا تبكيت؛ فقط تذكير بأن الأرواح لا تُقاد بالعصا.
واليوم، بعد سقوط الأوهام الثقيلة وسقوط الدم معها ، يراد لنا أن نلتحق بركب (ولاية)لم نخترها. جوابنا بسيط وواضح: هذا القطار غادر المحطة. هناك جيل جديد، وفي طليعة هذا الجيل نساء يكتبن تعريفهن بأنفسهن. اليوم أنا؛ وغدًا المئات. لن نُسند باطننا إلى عواصم السياسة، ولا سنحول أسرار معرفتنا إلى شعارات.
لسنا ضد دين ولا ضد أحد. نحن ضد الوصاية على القلوب، وضد تذويب الخصوصيات الروحية في قوالب جاهزة. نفتح قلوبنا لأهل العراق شكرا ومودة، ونصون حوارنا مع كل من احترم اختلافنا. أمّا(التيار)الذي عمره ستّون سنة ويظن أنه وصيٌّ على مصائرنا، فمصيره إلى الاندثار، لأن ما لا جذور له في أرواح الناس يذبل.
نعلنها بلسانٍ هادئٍ وحازم:
الهوية العلوية النصيرية هوية عرفانية باطنية مستقلة؛ تُعطي للوطن وتتعالى على الاصطفافات، وتفصل بين طريق الروح وتقلبات السياسة. نحب العلم والعقل والكرامة، ونحيا بالوفاء لأسرارنا وبالاحترام للآخرين. ومن أراد لنا خيرا فباب المحبة والاحترام مفتوح؛ ومن أراد وصايةً علينا، فليبحث عنها في غير هذه الدار.