القدس
لطفي السومي
نتنياهو يقول: سيد اردوغان، القدس مدينتنا وليست مدينتكم.
ورد اردوغان قائلا: لن نسمح للأيادي الدخيلة بتدنيس القدس الشريف، اعلم ان جرح المتشبهين بهتلر، ربما لن يندمل أبدا.
فماذا يقول التاريخ: نبدأ يا سيد نتنياهو بما يقوله كتبة التوراة: لقد بدأ حكم داود كمّلك عام ١٠١١ ق. م، وقد حكم ٧،٥ سنة من حبرون (الخليل) و ٣٣،٥ سنة من أورشليم اي ان حكمه من أورشليم قد بدأ في العام ١٠٠٤ ق. م، كما تدعي التوراة (صموئيل الثاني ٥: ٩، ١٠).
لقد اثبت علم الاثار الاسرائيلي ان هذه الرواية مجرد تاليف خرافي، وساستشهد فيما يلي بأهم علماء الاثار الإسرائيليين:
١) زائيف هيرتزوغ يقول في صحيفة هاآرتس في العدد ٢٩ / ١٠ / ١٩٩٩ ما يلي: ولقد اصبح واضحا ان أورشليم في الفترة المفترضة لداود وسليمان لم تكن في احسن الحالات اكثر من مدينة صغيرة لا يمكن ان تكون عاصمة لإمبراطورية وبذلك فان مملكة داود وسليمان العظيمة الموحدة هي عبارة عن مغالطة تاريخية متخيلة.
٢) فنكلشتاين وسلبرمان في كتابهما المترجم (التوراة مكشوفة ص٢٠٤) ما يلي: كانت يهودا وما تزال مسكونة بشكل ضعيف جدا مع عدد محدود من القرى لا يتجاوز في الواقع اكثر من ٢٠ قرية او نحو ذلك، ونحن ما زلنا لا نمتلك اي دليل اثري على ان أورشليم كانت اكثر من مجرد قرية مرتفعات بسيطة اثناء عهد داود وسليمان ورحبعام (القرن العاشر ق. م).
٣) ديفيد اوسيشكن في المصدر السابق ص١٧٨ “ان العمل الميداني هناك وفي الأجزاء الاخرى من أورشليم الكتاب المقدس أخفقت في تزويد دليل هام على ان المدينة كانت آهلة بالسكان في القرن العاشر ق. م، بل وكذلك لم يوجد اثار حتى لأي قطعة فخار بسيطة“.
اذن واستنادا إلى علماء الاثار الإسرائيليين فإن أورشليم العاصمة الموحدة لمملكة إسرائيل هي مجرد خرافة مدعاة من قبل كتبة التوراة في القرن الثالث ق. م.
اما التوراة نفسها فانها تذكر ٢٠ ملكا في يهوذا من رحبعام بن سليمان حتى صدقيا وتذكر بجلاء ان الديانة الكنعانية كانت هي السائدة في يهودا اثناء حكم ١٧ ملكا منهم بما في ذلك الملوك الاربعة الأواخر قبل سقوطها بيد البابليين الجدد (الكلدان) ٥٨٦ / ٥٨٧ ق. م، ولا دليل اثري او كتابي من خارج التوراة على ان الثلاثة ملوك الذين استثنتهم التوراة كانوا يهودا.
ونختم يا سيد نتنياهو بدليل من التوراة على ان العبادة الكنعانية كانت العبادة السائدة في يهودا عند سقوطها: يقول النبي ارميا الذي عاش بين ٦٥٠ - ٥٨٥ ق. م وعاصر السبي وكان من بين المسبيين (بعدد مدنك صارت آلهتك يا يهودا، وبعدد شوارع أورشليم وضعتم مذابح للخزي مذابح للتبخير للبعل). سفر ارميا ١١: ١٣. ألا يعني ذلك ان يهودا كنعانية، واما الاسم يهودا فهو اسم المقاطعة الذي اخذ اليهود اسمهم منه في القرن الاول الميلادي على يد بولص الرسول.
بقيت يهودا تحت الحكم الكلداني حتى انتقلت إلى الحكم الفارسي عام ٥٣٩ ق. م، ثم إلى الحكم الهليني اليوناني عام ٣٣٢ ق. م، وبعد موت الاسكندر الكبير اصبحت من حصة البطالمة ثم السلوقيين. وفي العام ١٦٥ ق. م، قام عبدة يهوه بالثورة الحشمونية والتي سيطرت نهائيا على يهودا عام ١٢٥ ق. م، وفي العام ١٠٣ ق. م، خير ملكهم ارستوبولس كل من سكان يهودا وإسرائيل وادوم وفلستيا بين: التهود او القتل او الهجرة فاختارت الأغلبية الساحقة التهود وقد اسماهم الصدوقيون المتهودين بالسيف وشكوا في عقيدتهم واستمر ذلك حتى سقطت الثورة بيد تيطس الروماني عام ٦٣ ق. م، وعاد البعض إلى ديانته الكنعانية بينما استمرّ البعض الاخر.
أي ان الحكم اليهودي لأورشليم قد استمرّ من ١٢٥ - ٦٣ ق. م، اي لمدة ٦٢ سنة وهذا ما يسمي بعقدة العقد السابع لدى اليهود، واتحداك يا نتنياهو ان تدلنا على اثر اي كنيس قبل ١٢٥ ق. م.
استمرّ الحكم الروماني / البيزنطي حتى العام ٦٣٨ ق. م، حين احتل العرب المسلمون أورشليم (ايلياء) واستمر هذا الحكم حتى العام ١٠٩٩ حين احتلها الفرنجة (الصليبيون) حتى العام ١١٨٧ حين حررها صلاح الدين الايوبي ليسلمها الملك الكامل الأيوبي إلى الصليبيين عام ١٢٢٩ لتبقى بيدهم حتى العام ١٢٣٩ وتبقى عربية (إسلامية / مسيحية) مملوكية حتى عام ١٥١٧ لتصبح عثمانية حتى العام ١٩١٧ (١١ ديسمبر) ليحتلها الإنكليز حتى العام ١٩٤٨ لتصبح عربية /يهودية حتى العام ١٩٦٧ حين احتلتها إسرائيل بالكامل وما زالت تحتلها.
اين الاف السنين التي تتحدث عنها يا نتنياهو ولتعلم ان احتلالك الحالي سيظل فترة سوداء عابرة في تاريخ فلسطين وستعود إلى وطنك بولونيا فانت من يهود الخزر الذين يشكلون ٩١ ٪ من يهود العالم والذين تهودوا مع ملكهم بولان عام ٧٤٠ م وربما تعود إلى اسم جدك المباشر ناتان ميليوفسكي ويبقى اليهود العرب معنا في ارض فلسطين الحبيبة بلا صهيونية مقيتة.