هذيان نتنياهو

لطفي السومي

طل علينا نتنياهو منذ ايام بهذيان يشبه هلوسات المتعاطين لعقارات الهلوسة مستعيدا هلوسات كتبة التوراة حين اخترعوا وعدا إلهيا يعطي لابراهيم ولنسله الأرض من الفرات إلى النيل ملكا أبديا.
ولقد دبج كتبة التوراة في عام ٢٧٠ / ٢٦٩ ق. م قصة مختلقة دمجوا فيها بين البطولة وربح الحروب وإقامة مملكة يهودية موحدة في زمن ملكيها داود وسليمان من عاصمتهم أورشليم، والتي بنوا فيها قصورا وهياكل إعجازية في القرن العاشر ق. م.
وعندما قام علماء الاثار اليهود المعاصرين بالتنقيب في أورشليم بحثا عما تركه اجدادهم العظام فجعوا بأن اورشليم القرن العاشر لم تكن أكثر من قرية مرتفعات معزولة خالية من القصور والهياكل التي ادعاها كتبة التوراة. وأما مملكة سليمان التي امتدّت من الفرات إلى النيل، فلم تكن أكثر من خيال بائس لا وجود له على الإطلاق.
يقول إسرائيل فنكلشتاين ونيل أشر سلبرمان في The BibleUnearthed المترجم ص ١٨٩:
(كانت الملحمة المجيدة للحكم الملكي المتحد مثلها مثل قصة الآباء والخروج الجماعي (من مصر) وقصة غزو كنعان، تأليفا رائعا نسج من حكايات وأساطير بطولية قديمة أدمجت مع نبوءات متماسكة ومقنعة لشعب إسرائيل في القرن السابع ق. م)، أي ان أهم علماء آثار إسرائيل ينفي بشكل مطلق كامل السردية التوراتية المشبعة بالهوس الديني.
نعود إلى أرض الواقع والذي يكشف لنا ما يلي:
أ) مملكة إسرائيل: قامت مملكة إسرائيل الكنعانية عام ٨٨٤ ق. م وحكمها ١٤ ملكا من عمري حتى هوشع وسقطت عاصمتها شكيم (نابلس) عام ٧٢٢ ق. م وكل ملوكها كانوا كنعانيين اثنيا ودينيا وتلعنهم التوراة بالاسم لانهم عبدوا الالهة الكنعانية أي ان اسم إسرائيل مسروق سابقا وحاضرا، فاسرائيل بدأت وانتهت وظل شعبها كنعانيا وأرضها مليئة بالمعابد الكنعانية.
ب) مملكة يهودا: خلافا للادعاء التوراتي فإن يهودا وليس يهوذا قد نشأت في أوائل القرن الثامن ق. م واستمرت حتى سقطت بيد البابليين الجدد عام ٥٨٦ ق. م وكان ملوكها وشعبها من الكنعانيين إلّا ان التوراة نفسها تدعي ان ثلاثة ملوك من بين ١٥ ملكا من ملوكها كانوا من عبدة يهوه، بينما كان الآخرون بما في ذلك آخر اربعة ملوك من عبدة الالهة الكنعانية.
كان عبدة يهوه يعيشون في السهوب الجنوبية في حالة بداوة مع ما يسمى الشاصو، وقد بدأت أعداد منهم تتوجه إلى يهودا حتى أصبحوا أقلية كبيرة من بين سكانها الكنعانيين. وفي العام ١٦٣ ق. م صدف ان اجتمع اثنان في المعبد احدهما متثيا من عبدة يهوة والآخر من السلوقيين اليونانيين والذي جاء ليقدم خنزيرا قربانا، مما أهاج متثيا وجعله يقتل الآخر ويهرب إلى الجبال وتبعه أبناؤه ولفيف من عبدة يهوه واعلنوا العصيان، وظل الصراع بينهم وبين الدولة إلى ان حققوا ألنصر حوالي عام ١٤٠ - ١٣٠ ق. م وسميت ثورتهم بالثورة الحشمونية. وامتدت سيطرتهم خارج يهودا إلى كل من إسرائيل والجليل في الشمال وأدوم وفلستيا في الجنوب، وقد خير ملكهم المدعو اريستوبولس عام ١٠٣ ق. م السكان بين القتل او الهجرة او التهود، فاختار معظمهم التهود، حتى العام ٦٣ ق. م حين هزمهم الرومان وعاد بعض المتهودين لديانتهم وبقي البعض الاخر، وهذه هي المرة الوحيدة التي تقوم فيها دولة يهودية لمدة ٧٧ سنة وهذه هي عقدة العقد الثامن عند اليهود.
هذا هو التاريخ الفعلي لليهود، وليعلم نتنياهو والمتعصبين من شعبه والذي يشكل الخزر الذين اعتنقوا الديانة اليهودية مع ملكهم بولان عام ٧٤٠ م حوالي ٩١٪؜ من يهود العالم ان أحلام اليقظة وهلوسات المهووسين سوف تودي بهم إلى الهاوية.
إذا كان هوان القادة العرب يحرك طموحاتك المريضة، فلقد جربت بأس شعبنا في غزة العزة، وجرب جيشك احتلال جنوب لبنان وفراره في العام ٢٠٠٠، وجرب أسيادك الأمريكان احتلال العراق وفرارهم عام ٢٠١١ من أمام شعبنا المناضل في العراق. جرب هلوساتك يا نتنياهو وسترى.