كل الأفراح مؤجلة!

نبيل فنصة

حتى يعود وطني واحة لكل المتعبين..
حتى تعود المقاهي عامرة بضحكات العائدين...
حتى يضجّ المحلق بريح الشواء وبصخب الحلبيين.
.
سأفرح..
حين أنال لقمة عيشي بكرامة..
حين لا أغلق نافذتي إلا خوفاً من نسمات الكوانين..
حين أرى الفلاشات تضيء القلوب بصورة لعائلة اجتمعت بعد غياب سنين
حين أرى الغوطة مشغولة بضيافة أبنائها العاشقين.
.
إنها حلبنا يابشر... دمشقنا... نواعيرنا.. حمصنا.. ساحلنا.. ديرنا.. فراتنا الحزين!
.
إنها سوريتنا..
.
سأفرح مع رائحة القهوة المغلية من مطبخ مجاور لجيران قد عادوا..
سأفرح حين يتنفس السهر هواء طرياً يداعب شعر حفيدة لي غفت على صدري..
سأفرح عندما تغسل القلوب ضحكة داهمتنا فجأة بلا سبب.
سأفرح عندما تعود الجلسات الحميمية أمام بيوت السريان القديمة
سأفرح مع بسمة صبية على رصيف قلعتها.
سأفرح عبر رحلة في التاريخ المخملي بين مقاهي الجُدَيدة وبهجتها...
.
سأفرح عندما تمتزج تكبيرات العيد في جامع التوحيد بأصوات أجراس كنيسة اللاتين معلنة غروب شمس الحزن عن وطني!
.
كل الأفراح مؤجلة حتى أرى حبّات "ترابنا السوري"، تحتضن سنابل القمح الجزراوي والعنب الحوراني وحبات الزيتون الكردي... والكرز الريحاوي.. وفستق حلب الشهباء.. وتفاح الشام الوردي!
.
سأفرح حينما تغص قهوة الحلوين في صلنفة بالحلوات الحلبيات.
سأفرح حين تعود موجات الحب الى شطآننا الزرقاء...
سأفرح حين تشرق من جديد ليالي الاعياد على كل السوريين..
سأفرح حين ارى ثراها طاهراً من دنس الغاصبين!
.
إسمعوني.. وصوبوني ان كنت من المخطئين!
إنّه وطن ياناس!
فواحدنا بلا وطن!
كرضيع فقد أمه.
كرجل بلا كرامة.
كإمرأة بلا عفاف.
كسقف بلا أعمدة.
.
صدقوني!
الوطن لايخطىء... بل نحن الخطّائين!
الوطن حفنة من دماء طاهرة قدّسها الرحمن في عليين..!
.
دعوا الطوائف والمذاهب والاصنام!
دعوا اللهجات والأطياف والمناطق والاوهام!
دعوا القيل والقال.. وكلام من نسج الخيال!
حطمّوا أوثان الجاهلية!
ولسورية الأبدية!
.
فالله محبّة.. والدين محبّة... والكون محبة!
.
وسلامتك ياسورية... الف سلامة!