محاولة لفهم خلفيات الحرب في أوكرانيا
نصر شمالي- فينكس:
في محاولة لفهم خلفيات وخفايا الحرب في أوكرانيا نذكّر بأن العالم بمجمله كان حتى الأمس القريب يستهلك سبعة مليارات طن من الطاقة، وأن الولايات المتحدة كانت تنفرد لوحدها باستهلاك مليارين وخمسمئة مليون من أصل سبعة مليارات طناً، وأنها كانت تتحكم أيضاً إلى حد كبير جدآً بأوجه وميادين استهلاك الطاقة في أوروبا الغربية واليابان التي بلغت حينئذ 2000 مليون طناً، وأيضآ كانت تتحكم بحصة دول الجنوب والعالم الثالث عمومآ على ضآلتها النسبية (حوالي 500 مليون طن) وذلك بما يتفق مع مصالحهاالاقتصادية/الحربية، أي أن واشنطن كانت تتحكم مباشرة ومداورة بخمسة مليارات طن طاقة من أصل سبعة مليارات طناً!
والآن فلنتذكر أن الاتحاد السوفييتي ودوّل حلف وارسو حينئذ، ومعهم الصين، كانوا جميعهم يستهلكون 2000 مليون طن طاقة أي مليارين فقط، فما معنى ذلك؟ معنى ذلك هو أن حكاية القوتين العظميين (حسب تعبيرات وتصنيفات المرحوم محمد حسنين هيكل!) وحكاية القطبين المتعادلين المتكافئين وحكاية العالمين المتقابلين الرأسمالي والاشتراكي كانت جميعها أكاذيب دعائية لتبرير العدوان ضد الشعوب بحجة الخطر الشيوعي المقابل وبحجة "العالم الشيوعي الموازي"، بينماالعالم كله كان ولا يزال رأسماليآ تقوده واشنطن، أما الاتحاد السوفييتي فكان مجرد طرف متمرد أو مجرد عصيان داخل النظام الرأسمالي العالمي الواحد، وقد تمت أخيرا في التسعينيات إعادة بلدانه وحلفائه إلى الحظيرة وفي مقدمتهم روسيا!
واليوم، بسبب محاولات روسيا شق طريقها الخاص المستقل عن المركز الرأسمالي العالمي وإن بالوسائل الرأسمالية، معتمدة على سلاح الطاقة واحتياطياتها الضخمة منه بالدرجة الأولى، فإنها تتعرض لهذه المواجهة الضخمة في أوكرانيا لتعطيل سلاح الطاقة الذي بحوزتها وإعادة إخضاعها واحتوائها!
وبالطبع، فإن هذه المواجهة لا تستثني الصين الناهضة سلميا بذاتها وبإرادتها، و إن على الطريقة الرأسمالية.