عندما تنقلب المقاييس وتتبدل القيم
فادية مجد- فينكس:
رحم الله أيام زمان، يوم كان الناس متمسكين بقيمهم النبيلة، وكان صاحب الأخلاق الحميدة مضرب المثل، وحديث الناس في كل مجلس...
لاننكر أن الصفات السلبية كانت موجودة في مجتمعنا، ولكنها كانت في نظر أغلب الناس منبوذة وغير محمودة، أما الآن وفي وقتنا الحالي فقد انقلبت المقاييس وتبدلت القيم عند معظم الناس، وأصبحت المثالية في نظرهم نكتة تدعوهم للسخرية والاستهزاء، والكرامة في مفهومهم موضة بالية، وعزة النفس سذاجة، والحياء عيب كقلة الحياء في الأمس، وصارت الشهامة والمروءة من العادات السيئة التي تؤدي بصاحبها إلى كثير من المشكلات، أما الصدق والشفافية في القول والفعل فهما من سابع المستحيلات في زمن القشور والسطحيات. وغدت طيبة القلب والنقاء مشكلة الشخص على حد تعبير الكثيرين. وأصبح من يتعامل بقلة تهذيب ويفتعل المشكلات مع الآخرين قوي الشخصية على حد تعبير البعض، ووصلنا الى أيام كثر فيها النفاق وارتداء الأقنعة والخداع والتمثيل وتمسيح الجوخ، وانتشرت المحسوبيات، وبتنا نجد أشخاصاً يحسدون الآخرين حتى على الهواء الذي يتنفسونه. وأصبحت مقولة "أنا ومن بعدي الطوفان" شعاراً يُعمل به عند أكثرية الناس، أما الغيبة والنميمة فشغلهم الشاغل، ونسوا أن من بيته من زجاج لايرمي الناس بالحجارة.
زمن أصبح فيه الحب كذبة كبيرة، وصار وسيلة للوصول لغايات معينة.
نعم إنه زمن قلّ فيه احترامنا للآخرين، وغدا من يحترم نفسه عرضة للتهكم وقلّة الاحترام، وصرنا نجد أشخاصاً بمئة وجه ووجه، يتصنعون الرقي والأخلاق، ويدّعون الثقافة، وعندما تقترب منهم تجد نفوساً مريضة ودنيئة.
قد يقول البعض إننا نبالغ فيما نقول، فأجيبهم لست سوداوية، ولكن يجب علينا ألا نختبىء وراء إصبعنا، وننكر أن أشخاصاً كثر بيننا يتصفون بما ذكرت..
ومع هذا يحدونا الأمل بعودتهم لضمائرهم، وايقاظها من سباتها العميق، ورجوعهم الى القيم النبيلة التي تربينا عليها، و دعت إليها أدياننا السماوية، ونبذ ما سواها من سلوكيات ضارة بالفرد والمجتمع، و لتسموا بأنفسكم، وتبعدوها عن الترهات، ولتكونوا صادقين مع أنفسكم، محبين للآخرين..
ونقول لمن مازال متمسكاً بمبادئه وقيمه، أنتم ملاذنا الذي نلجأ إليه، و الحياة جميلة بوجود أمثالكم، آملين أن تحمل أيامنا القادمة فيضاً من المحبة والقيم النبيلة تكون زاداً لكل فرد.